انتهت المهلة.. ضع القلم!!
مهلة المائة اليوم انتهت تقريبا! إذا حسبناها من تاريخ مزاولة الحكومة لمهامها بأداء اليمين الدستورية أمام جلالة الملك.. فقد بقي أمام الحكومة يومان فقط؟! ماذا ستفعل الحكومة في يومين؟
مرّ الوقت بسرعة دون تغيير يذكر على واقع الناس والشيء الماثل أمامهم بمناسبة نهاية المهلة هو مشروع قانون ضريبة الدخل الذي قدمته الحكومة بصيغة لا تختلف كثيرا عن قانون حكومة الملقي الذي أثار عاصفة احتجاج كبرى أطاحت بالحكومة، فهل نحبس أنفاسنا مع العد التنازلي لساعة الصفر.
لبضعة أيام خلت لم تدخل في حسابي بأي صورة جدية مهلة المائة يوم المفتعلة، لكن ما حصل مع الوزراء في المحافظات يدفع للتوقف ومراجعة الحسابات. حتى لقاء الرئيس مع "الحراكيين" أتى بنتائج عكسية حسب ما قرأت من ردود أفعال وأنا لا أعرف كيف تم وضع التصور لهذا اللقاء وبهذه الطريقة؟ لكن قطعا كان يمكن تصميم صيغة أكثر توفيقا. لقاء شباب الاحتجاجات وغيرهم ليس خطأ بل كان مطلوبا وفي وقت أبكر لكن هؤلاء ليسوا جسما محددا بقيادة محددة. هناك فاعلون بعدد وبأدوار وآراء غير محددة كان يفترض للقاء أن يتواءم مع طبيعة الطرف المستهدف باللقاء. مثلا كان يمكن ترتيب اللقاء في مكان عام أو أحد المقاهي الثقافية وبدعوة من بعض النشطاء غير مقيدة والدخول في حوار مفتوح كل الوقت الضروري مع وعد بتكرار اللقاء مع آخرين لمواصلة الحوار مع الشباب.
مبدئيا نزول الوزراء إلى الميدان يحسب لهم وللحكومة ويمكن قبول تعرض الوزراء لما تعرضوا له لكن في حادثة واحدة معزولة وليس في كل عواصم المحافظات التي منعوا في معظمها من مواصلة دورهم. ما حصل كان بصراحة كارثة على الفريق الوزاري. وقد يحسب للوزراء والحكومة قبول النزول ومواجهة الناس والتعرض للمشاغبة وحتى الاهانة، لكن للغايات المقصودة وهي قانون الضريبة فقد كانت هزيمة والمشهد كان سيئا للحكومة وانتقل كعدوى من محافظة لأخرى وهو بث في اوساط الرأي العام عموما روح الرفض والتمرد والاستقواء على الحكومة مع وجود احتقانات وغضب واستياء قديم وجديد. ويأتي هذا مع انتهاء مهلة المائة يوم وهي اصلا مهلة غير عادلة لرؤية نتائج تنعكس على حياة الناس.
منطقيا ليس هناك اساس للنزول للشارع والعودة لاعتصام مفتوح فما الهدف الواقعي القابل للتحقيق الذي يمكن طرحه؟! لن تتحسن الإدارة العامة والخدمات ولن تنقلب ظروف الناس الاقتصادية بين يوم وليلة، ولا يبدو أن ثمة طريقا غير الحفاظ على الحكومة تحت الضغط للمضي قدما في الإصلاح ومكافحة الفساد الصغير والكبير، ولدى الحكومة أوراق كثيرة ابتداء بفتح الباب لتعديلات على مشروع قانون الضريبة ويمكن بالفعل إجراء تعديلات تحفظ مستوى الإيرادات المتوقعة، لكنها تجعل القانون عادلا ومتوازنا وتنمويا أكثر، ومن جهتي قدمت مقترحات على الموقع الإلكتروني المفتوح لهذه الغاية، ولدى الحكومة أن تقدم برنامجها الموعود لعامين يتضمن الالتزامات المحددة بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبالنهج الجديد والرقابة الصارمة على الأداء، ومعهما التعديل الوزاري وفق تقييم الرئيس الذي وعد به.
الغد - الجمعة 21/9/2018