الفساد الأصغر وراءه فساد أكبر
تثبت حادثة البشير التي اكتشفنا من خلالها مئات العمال الذين يتم دفع رواتبهم، دون ان يعرفوا مكان او زمان الدوام ان ثمة تحالفا لئيما بين الفساد الكبير والصغير.
ان يقبل مواطن عادي، فقير، بإدراج اسمه في قائمة رواتب لشركة مقابل خمسين دينارا، ويعلم ان ثمة «حوتا فاسدا» سوف يتقاضى باقي الراتب مقابل عدم ذهابه للعمل، فهذا دليل على ازمة التحالف بين الفسادين.
الفساد الصغير مترامي الاطراف في كثير من مفاصل حياتنا: رشوة، محسوبية، تنفيعات، بيع اصوات، واكاد اجزم ان هناك تحالفا غير صحي بين «رأسمال فاسد ومتهرب» وبين الفساد الاصغر.
الفقر ليس مبررا كي نسرق او نرتشي او نكون ادوات للفساد، ويخطئ من يدافع عن هؤلاء وغيرهم من الموظفين الصغار الفاسدين تحت اي عنوان او سبب، مع تقديري للدوافع التي يجب قراءتها من الدولة بإمعان.
هناك تقصير من الدولة، وترهل لا يوجد عين حمراء يشعر بها الصغار كي يخافوا، واخشى ما اخشاه ان يصبح الفساد الاصغر مؤسسة وثقافة لا نستطيع الا التصالح معها.
لكن ايضا هناك فاسد كبير يقف وراء تلك الصورة المرعبة المتنامية للفساد الاصغر، والى الان لم نر «حوتا فاسدا» واحدا وراء القضبان رغم بعض القضايا التي اكتشفت.
الرزاز حوّل ملف البشير الى مكافحة الفساد، هذا جيد، وبعدها قام بإلغاء قائمة قبول جامعي مررت من تحت عباءة القوائم الرسمية، وهذا جيد ايضا.
لكنه لا يكفي، هناك رأس دبرت الامر هنا وهناك، هناك متنفع كبير، يجب رفع الغطاء عنه ومحاسبته، ليرتدع الفاسد الصغير قبل الكبير.
لا يعقل ما يجري، نحتاج الى عملية تنظيفات جادة، ولا مانع ان تكون هادئة، لكن عند اكتشاف متورط كبير سيكون من المقتل ان نتجاوز عنه.
بعض الفاسدين الكبار وراء القضبان، وبعض الصغار ايضا، سيكون لذلك دور في التأسيس لمرحلة محاربة الفساد الحقيقية، اما ان تمر الامور بدون محاسبة، فلعمري تلك مساهمة بمأسسة الفساد.
السبيل - الاربعاء 10/10/2018