ما هو البديل عن الأحزاب
هناك عبارات تكرر على الألسنة بشكل دائم بخصوص الأحزاب السياسية ؛ بأنها ليست مؤهلة وغير قادرة ولا تحظى بالاقبال الجماهيري ولا التفاف الشباب حولها، وتكاد تكون هذه العبارة على ألسنة السياسيين وغير السياسيين وعلى جميع المستويات وفي أغلب اللقاءات والندوات والمقابلات، وهنا ينبغي الاجابة على سؤال كبير ومهم وضروري :- ما هو بديل الأحزاب السياسية؟ لانه لا مناص من الاجابة إذا أردنا تمكين الشعب الأردني من المشاركة السياسية والمشاركة في القرار والمشاركة في تحمل المسؤولية وفي إدارة شؤونها العامة وحفظ موارده، فما هي طريقة المشاركة المقترحة بدلاً من الأحزاب عند من ينتقد فكرة الأحزاب أو لا يرى صلاحيتها للقيام بهذا الدور.
مجرد رفض فكرة الأحزاب يعني الذهاب إلى تكريس الحكم الفردي، وتكريس مبدأ الشللية في اختيار الفريق الحكومي، والخضوع لمبدأ التجربة والخطأ في استلام الاشخاص المهام الوزارية، وانتظار الجينات الوراثية أحياناً، أو تكريس منهج الانتماءات الجهوية الضيقة، والتجمعات العشائرية والمناطقية وتصعيد مستوى التعصب القبلي، وإعلاء معايير القرابة والنسب والمصالح وغيرها من المعايير البائسة.
العالم المتقدم والتجارب الإنسانية ابتكرت وسيلة الأحزاب، لتكون هي الطريقة المعتمدة في تجميع الطاقات وحشد القدرات والكفاءات المتخصصة عبر أطر منظمة، تمارس عملها بطريقة مؤسسية وتصبح قادرة على اختيار القيادات وتأهيلهم واعدادهم واخضاعهم للتجربة والامتحان في ميادين العمل الواقعي التطبيقي الجماعي، الذي يؤدي إلى تشكيل فرق العمل المتجانسة ومن ثم عقد منافسة بينها عبر الانتخابات المتكررة في كل دورة، واستطاع العالم المتقدم أن يجعل من تجربة العمل الحزبي تجربة ناجحة ومنظورة أمام الأبصار.
فإذا كان هناك وسيلة أخرى بطريقة مختلفة فليسعفنا بها المنتقدون الاّ إذا أرادوا البقاء في مربع الأزمة الى الأبد.
الأحزاب لا تستطيع الوصول إلى مرحلة النضج الاّ من خلال العمل و خوض التجربة في الواقع والميدان وهذا يقتضي بشكل محتم التوافق بين جميع السياسيين على تنظيم أنفسهم ضمن تجمعات وتوائم محددة ومتميزة تملك برامج، وأن تخضع للمنافسة عبر الصندوق، وإذا كان لانتقاد موجّها للأحزاب التقليدية القائمة بشكل حصري والأحزاب القديمة باعياتها واشخاصها وطريقة تشكلها ومنهجية عملها فهذا أمر سهل ؛ يقتضي منا جميعا البحث عن أحزاب جديدة مختلفة، والقيام بتغيبر منهجية التجمع السابقة واستبدالها، والانتقال نحو صيغ جديدة معاصرة ومناسبة.
ولذلك نحن الان اصبحنا امام خيارين للحل:
- إيجاد فكرة جديدة للتجمع والمشاركة السياسية بدلاً من فكرة الاحزاب بشكل جذري
- او إيجاد أحزاب جديدة ومنهجية تجمع مختلفة في طريقة التشكل وطرائق العمل الياسي والتواصل الجماهيري. وبغير ذلك فسوف ننتقل من ازمة الى ازمة اشد ضيقا وحرجا، ومن ورطة الى ورطة اشد بشاعة وقبحا، ومن ثم الانزلاق نحو الفوضى الحتمية والتدمير الذاتي الذي نشاهده ونحسه في دول الجوار والمنطقة.
الدستور- الجمعة 26-10-2018