دروس إدارة الكوارث

تم نشره الثلاثاء 30 تشرين الأوّل / أكتوبر 2018 12:56 صباحاً
دروس إدارة الكوارث
جميل النمري

لن أضيف شيئا على كل ما كتب وقيل عن فاجعة البحر الميت بل أريد الحديث عن مفهوم " إدارة الكوارث " في ضوء تجربتنا المأساوية الأخيرة. ونحن قمنا من زمان بإنشاء ما أطلق عليه المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات ومن مهماته إدارة الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات والحرائق. وقد أصبح هناك علم كامل اسمه إدارة الكوارث. وكنت قبل عقدين قد شاركت كمراقب إعلامي في ملتقى لحلف الناتو مع دول جوار الحلف، تم فيه الإعلان عن مجال مدني مستحدث في بنية الناتو هو إدارة الكوارث الناجمة عن أحداث كبرى مثل الكوارث الطبيعية وليس فقط آثار استخدام أسلحة الإبادة الجماعية في مناطق مدنية واستعداد الناتو للتعاون مع الدول في تطوير بنية محلية لمواجهة فعالة للكوارث، وكان واضحا في مداخلات ممثلي الدول الشوط الكبير الذي ما زال يجب أن تقطعه في هذا المجال من حيث وجود البنية الإدارية والفنية والتخطيط والتنظيم والتنسيق والتجهيز والإعداد والتدريب ، وعندما جاء دور أحد الحضور قاطعه ممثل الناتو قائلا أنتم متقدمون جدا ولا تحتاجون أن يعلمكم أحد، فكان ذاك هو المندوب الإسرائيلي لأخرج مع زملاء عرب مغتاظين مقهورين.
وكنت كتبت مقالا في تشرين الأول 2005 تحت عنوان "إدارة الكوارث" متأثرا بما شاهدناه في ألمانيا أثناء زيارة إلى "مركز إدارة الطوارئ" في إحدى الولايات وهو يتعامل مع أي شكل محتمل من الكوارث، ولاحظنا المستوى التكنولوجي-الاداري-اللوجستي الذي لا يترك شيئا للصدفة! التخطيط والتنظيم والاتصال والتنسيق واستخدام الموارد وتوظيف الاحتياطي البشري والمادّي. كل شيء مرتب ومحدد ومدعم بتدريبات على سيناريوهات محتملة لحوادث في مختلف المجالات كالحرائق والفيضانات والانهيارات والهجوم بغاز سام.. الخ.
في نفس العام حدث عندنا هجوم الفنادق الإرهابي وأعقبه بإشراف مباشر من جلالة الملك إنشاء المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات وحسب التقارير كلف بناء وتجهيز المركز ما يناهز 100 مليون دينار وهو يقوم على 18 دونما وينخفض 40 مترا تحت الأرض ومجهز لمواجهة الزلازل وهجمات صاروخية وكيماوية وتجهيزاته الفنية مفخرة تؤهله كنموذج على المستوى الإقليمي حسب تقرير نشرته سي ان ان في نيسان 2014 ويفترض أنه يطبق أحدث المفاهيم والآليات في إدارة وتنسيق مواجهة الكوارث والأزمات . وإدارة الكوارث تبدأ أولا بوجود نظام للتنبؤ والتوقع والرصد المبكر والإنذار والتخطيط ورسم السيناريوهات للاحتمالات والإجراءات الوقائية وغرفة عمليات للرقابة والمتابعة بأحدث الوسائل التكنولوجية ثم التعبئة والتنسيق مع مختلف الجهات المعنية وتنفيذ عمليات الإسعاف والإخلاء والاتصال مع ذوي المصابين .. الخ. ويفترض أن كل ذلك موجود لدى المركز.
ليس لدي علم ولم اقرأ عن دور للمركز في الكارثة الأخيرة. وفي الميدان كانت جهود رجال الدفاع المدني وبقية الأجهزة جبارة في ظروف صعبة جدا وكانت هناك بطولات فردية تطوعية عظيمة وفقد أحدهم حياته بعد أن أنقذ عددا من الأطفال، لكن إلى جانب ذلك شاهدنا كثيرا من البلبلة والفوضى. وخصوصا في الاتصال والتنسيق وتسخير الموارد.
دع عنك الكثير من القصص التي تم تداولها وثبت بطلانها مثل فتح بوابات السد ودور انهيار جسر في الكارثة. ما ثبت أن الخطأ الأكبر هو تسيير رحلة " مغامرات " لأطفال في المكان والزمان الخطأ وبالضد من التعليمات لكن هكذا تقع كثير من الكوارث والآن علينا دراسة الأمر على مستويين أولا مدى التقصير في الآليات التي كانت ستمنع الكارثة، ومدى القصور في العمل لمواجهة الكارثة وليس الهدف الخروج بإدانات وأكباش فداء بل تعلم الدروس للمستقبل.

الغد - الاثنين 29-10-2018 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات