دعوات وقف الحرب في اليمن
موقف الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا ومن تبعهم من دول الغرب بالذات لوقف الحرب في اليمن استجابة لدعوات وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين ، فضحته محطة السي ان ان التي نقلت عن مصادرها الجمعة بأن الدعوة الأمريكية بنيت على استغلال واقتناص الفرص من قبل إدارة ترامب للظروف التي تعيشها المنطقة وما رافقها من ضغط اعلامي وسياسي لم يسبق له مثيل ، من أجل الحصول على مزيد من المكتسبات ، وبدوافع أنانية انتخابية صرفة في الإنتخابات النصفية .
الدعوة الأمريكية التي تم تحديد بدء العمل بها خلال شهر من اطلاقها ، لم تحدد مرجعيات لانهاء هذه الحرب التي بدأها وكلاء ايران الحوثيون ، ولم تحدد مصير القرارات الدولية والاتفاقات الاقليمية تجاهها ، ولم تضع النقاط على الحروف في تصورها لسيناريو تحقيق مطلبها وغايتها المعلنة ، والمقمطة بالحرص الكاذب على أرواح اليمنيين .
لا أحد يريد ان يصدق بأن الولايات المتحدة تريد فعلا إنهاء الحرب في اليمن ، لأن حربا كهذه هي بالنسبة لها مصدر لا ينضب من الإرتزاق المتدفق على الخزينة الأمريكية بفعل أثمان السلاح وما تتطلبه مثل هذه الحرب الطاحنة من موازنات ضخمة ، ولا يريد احد ان ينسى بأن الولايات المتحدة هي التي دعمت العراق ثماني سنوات في حربه مع ايران ، وفي نفس الوقت كانت تحرص على تسليح ايران بكل ما يمكنها به من الإستمرار في تلك الحرب حتى استمرت للسنوات الثماني العجاف وما صفقة إيران كونترا التي طبخها الرئيس ريغان وإسرائيل سوى واحدة معلنة منها ، وبفضل اللعب الأمريكي والغربي على الحبال تعنت الخميني وأعلن بأنها حرب لن تنتهي إلا باجتياح كل الخليج والمنطقة من خلال تصدير ثورته السوداء ، قبل ان يجبره العراق وبدعم خليجي على " تجرع السم " كما جاء في تصريحه الأخير ، بعد أن قضى ما ينوف عن ستة شهور في السرداب بعيدا عن الإعلام ليخرج لنا الإعلام الإيراني في حينه ، بأن " الإمام " غاب تلك المدة طلبا لمشورة المهدي المنتظر ، وقد نصحه المهدي أخيرا بقبول العرض ، وهي قصة معروفة لا ندعيها ، وما كان للخميني أن يصل إلى هذه النتيجة لولا الإرادة الأمريكية المفاجئة في انهاء الحرب والبدء بصفحة جديدة من صفحات نهب الموارد العربية .
الحكومة اليمنية الشرعية لم تصمت حيال هذه الدعوة التي طالما دعت هي اليها ولكن وفق المرجعيات الثلاث المعروفة ، غير أن إدارة ترامب ، ولغايات انتخابية ، أعلنت عن خطوتها هذه بعد استغلال الديمقراطيين للحرب اليمنية في الترويج ضده وضد حزبه ، أي أن الأمر كله ضحك على الذقون ، ولكون مصالح اليمن والشعب اليمني هي آخر ما تسعى إليه الولايات المتحدة والغرب الذي تنتعش خزائنه بما تدره الأزمات والحروب ، ولا يغيب عن بال المراقب ما قاله الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون قبل أيام عن أن" دعوات وقف بيع السلاح الفرنسي هي دعوات " غوغائية " .
لو أرادت الولايات المتحدة وقف الحرب في سوريا وليبيا وفي كل المنطقة لفعلت ، ولو أرادت ذلك في اليمن لتحقق فورا ،من خلال ارغام ايران وميليشياتها الاجرامية على إنهاء القتال بدون كل هذه الأثمان من الدماء والقتل والتدمير ، ولو أرادت حل القضية الفلسطينية ووقف اسرائيل عند حدها لفعلت بكل سهولة ، مستذكرين - بهذه المقام - ما سبق وقاله جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق في عهد بوش الأب لاسحاق شامير قبيل انعقاد مؤتمر مدريد للسلام الذي التأم في العاصمة الاسبانية في الفترة من 30 تشرين أول وحتى 1 تشرين ثاني من عام 1991 ، عندما قال له : بأنعلى اسرائيل ان تغير موقفها بخصوص عدم حضور المؤتمر ، وأنها إذا أرادت أن تحصل على ضمانات القروض فإنها تعرف رقم وزارة الخارجية الأ مريكية ، مما دفع بشامير ، الأكثر دموية وعنصرية من شارون نفسه ، للقبول والحضور رغم أنفه ، ولكن إدارة ترامب المتصهين لن تفعلها بالتأكيد .
إن مرجعيات حرب اليمن حددتها الحكومة اليمنية الشرعية ، وهي لا تخرج عن قرارات مجلس الأمن ، ومخرجات الحوار ، والمبادرة الخليجية التي خادع بها الحوثيون والإيرانيون طويلا ، قبل أن ينتهي بهم الأمر الى احتلال صنعاء .
الجميع يريد وقف الحرب في اليمن العربي الجريح والمظلوم والمحتلة عاصمته من قبل ايران ، ولكننا ندرك في نفس الوقت أن هناك من ينفخ في كير النار لتستمر الحرب ، وما دعوات وقفها بدون عودة الحكومة الشرعية الى ممارسة سلطتها على كامل اليمن ، وتسليم سلاح الحوثي وضمانة سلامة دول الجوار سوى مؤامرة جديدة قذرة ، لان صواريخ ايران التي يمتلكها الحوثي وينفذ أجندة الملالي بواسطتها لا يمكن قطع دابرها الا بانتصار حقيقي ينهي هذا " الدمل " المتقيح والكريه ، وهو انتصار تستطيعه وبسهولة قوات التحالف لولا رفض الغرب حسم المعركة بدواع انسانية وبدموع تماسيح ، مع تسليمنا بحق هؤلاء الذين لا يشكلون سوى 1 % من مجموع اليمنيين في تشكيل حزب سياسي غير مسلح شأنهم شأن غيرهم .
ولنتذكر بان الدعوة الأمريكية الغربية جاءت بعد ان حشدت قوات التحالف العربي كل القوة المطلوبة لتحرير الحديدة ، وهو ما حذرنا منه في مقال سابق ،عندما أشرنا إلى أن الأمم المتحدة ، والغرب لا يتدخلون إلا بعد أن يقترب النصر من الحسم ، لتبدأ عندها دعوات وقف اطلاق النار والتركيز على مآتم اليمنيين وجراحاتهم والتي لم تكن لتكون ، لولا التحالف الخفي وغير المعلن بين هذا الغرب المتآمر على المنطقة وشعوبها وبين ايران ، وما استثناءات ترامب للعديد من الدول بشأن عقوباته على نظام ولاية الفقيه ، ومن قبل نهايات الربيع العربي ، إلا صفحة من صفحات التآمر التاريخي على شعوب هذه المنطقة وعروبتها ودينها " السني " .
تريدون وقف الحرب في اليمن.. حسنا ، اضغطوا على ايران وميليشياتها لتنسحب من صنعاء وتسلم البلد للحكومة الشرعية ، وبغير ذلك فإنكم دجالون ..
ومتآمرون !.
د.فطين البداد
جي بي سي نيوز