قانون الكسب غير المشروع يحدّ من الفساد..
إقرار مجلس النواب القانون المعدل لقانون الكسب غير المشروع لسنة 2018 خطوة حيوية يمكن الاستناد اليها في الحد من الفساد الكبير والصغير، ويضع الموظفين في مواقع خدماتية مهمة تحت دائرة الضوء والمساءلة، ويمكن توسيع مظلة القانون المعدل لتشمل كافة المسؤولين من النواب والوزراء والامناء العامين وكبار الموظفين وصولا الى مدراء الادارات المالية وموظفي الرقابة المالية الداخلية، وتفعيل المساءلة والمحاسبة دوريا وكلما تطلب الامر ذلك، فالحاجة باتت ماسة لوقف الفساد الذي اصبح لديه قدرة على النيل من المال العام والخاص، وما ورد في تقرير ديوان المحاسبة والمخالفات بالجملة في المؤسسات العامة يؤكد مدى الاستخفاف بالقوانين وجهود مكافحة الفساد.
إشهار الذمة للمسؤولين والاقرباء من الدرجة الاولى في غاية الاهمية، على ان يتم التأكد من سلامة الذمة المالية بعد مغادرة المسؤولية، فالواقع المعاش يشير الى ان كُثر من المسؤولين تزداد ثرواتهم بعد ان يخرج من المسؤولية، وهذا يشير الى ان هناك استفادة من المنصب خلافا للقسم، لذلك نأمل ان يتم تفعيل قانون الكسب غير المشروع والتوسع في اشهار الذمة المالية كشرط للعمل العام، وبدون ذلك فإن استقامة الامور تكون صعبة.
الالتزام بإشهار الذمة يسهل المحاسبة لاحقا في حال ظهور ثروة لاحقا، فالسماء لا تمطر ذهبا او/ وفضة، وقنوات الربح معروفة، ومع اعداد ميزانيات الشركات والتدقيق عليها يمكن التعرف على التطورات المالية للاشخاص، وفي نفس الوقت ان الفساد الاداري اصعب من المالي وفي بعض الاحيان تكون نتائجه وخيمة، وكذلك اسس قبول العطاءات وترسيتها على شركات، فمشاريع البنية التحتية التي تهاوت في ساعات من الامطار تؤكد ان هناك نوعا من التجاوزات على سلامة العمل والتأكد من مطابقة المواصفات.
الاردن ليست الدولة الوحيدة التي ابتليت بالفساد، وليست التي واجهت الامطار والسيول لكن يبدوا اننا نعاني بشدة من عدم التزام المقاولين في مواصفات تنفيذ المشاريع، وخلال سنوات سابقة وبعد تعبيد شوارع رئيسية وفرعية في العاصمة فقد كشفت اول شتوة المخفي والمسكوت عنه بالنسبة لسلامة المعايير ودفعت الامانة مبالغ طائلة لاصلاح ما تهدم، وهذا يشير الى مخالفات في ترسية العطاءات والتنفيذ واستلام المشروع بعد تنفيذه، وبرغم ذلك لم نسمع عن محاسبة او تغريم المنفذ وسحب كفالة حسن التنفيذ.
التطبيق الفعال والمخلص لقانون الكسب غير المشروع سيساهم في تقصير المسافة بين الفساد والفاسدين من جهة والاستقامة وشرف حمل المسؤولية من جهة اخرى وهذا ما نحتاج اليه في هذ المرحلة..
الدستور - الاثنين 12-11-2018