المشاجرات الجامعية مرة أخرى
بالرغم من كل الإجراءات التي اتخذت والنقاشات التي دارت خلال السنوات الماضية لمنع العنف الجامعي، فإن هذا العنف المرفوض شعبيا ورسميا، مازال موجودا، ولم يختف، ويتسبب بأضرار جسيمة للطلبة وللجامعات وللحياة الجامعية وللتعليم الجامعي، ويسيء لبلدنا في الخارج.
في الأيام الماضية، انشغلنا في المشاجرة التي وقعت في جامعة البترا بين مجموعة من الطلبة، امتدت بعد ذلك إلى خارجها.. هذه المشاجرة، وفق ما بث من فيديوهات سجلها طلاب تم فيها استخدام الأسلحة النارية، وهذا الأمر أثبتته، مديرية الأمن العام، التي قالت على لسان ناطقها الإعلامي عامر السرطاوي، أنه تم " إلقاء القبض على ستة طلاب ممن اشتركوا بالمشاجرة وضبط بحوزتهم سلاحان ناريان".
وكذلك، أوقف المدعي العام 9 طلاب ممن اشتركوا في المشاجرة مدة أسبوع، عن تهمة الإيذاء البسيط وحيازة سلاح ناري دون ترخيص.
لم تتوقف هذه المشاجرة، عند الشجار العادي، والذي يمكن بالرغم من أنه مرفوض تطويقه، ومنع انتشاره، بل تم استخدام السلاح الناري.. والحمد لله أن استخدام السلاح لم يتسبب بوفيات، لكانت المشكلة أخذت أبعادا أخرى، وهي بالتأكيد أبعاد خطيرة.
ولكن، علينا جميعا، وخصوصا المسؤولين والجامعات ووزارة التعليم العالي ومنظمات المجتمع المدني، مطولا بخصوص استخدام السلاح الناري في مشاجرة جامعية. لطف الله هذه المرة، ولم تحدث وفيات أو إصابات خطيرة جراء استخدام السلاح، ولكن من يضمن ذلك دائما.
استخدام السلاح بالمشاجرات بشكل عام، قد يتسبب بضحايا في صفوف المتشاجرين، ولكنه في الكثير من الحالات يتسبب بضحايا ليست لهم أية علاقة بالمشاجرة، ولا تربطهم أية روابط لا من قريب أو بعيد بالمتشاجرين، ولكن كانوا متواجدين في المكان بالصدفة.
ولذلك، فإن استخدام السلاح بالمشاجرات الطلابية، قد يتسبب بضحايا من بين الطلاب المتواجدين بحكم الدراسة في المكان، وليست لهم أي علاقة بالمتشاجرين.
إن استخدام السلاح بالمشاجرات الطلابية، لايجوز، أن يمر مرور الكرام، حتى ولو كان استخدامه خارج الحرم الجامعي. ويجب، أن تتوقف كل الجهات المعنية، أمام هذا الأمر، بكل جدية.
ويكفينا، الكثير من التنظير حول خطورة العنف الجامعي، والحديث الدائم عن الإجراءات المتبعة لوقفه.. فهذا التنظير، وهذه الإجراءات لم تكن فعالة، ومازال المجتمع وجامعاتنا تعاني من هذا العنف.
المطلوب، مقاربة جديدة، وقراءة معمقة، وإجراءات أكثر جدية، وحاسمة.. وعلى رأس هذه الإجراءات تطبيق القانون على جميع المتورطين بالمشاجرات دون هوادة. فسيادة القانون وتطبيقه، ومنع المخالفين من الإفلات من العقاب، إجراء فعال يحد من العنف الجامعي، ومن أي نوع آخر من العنف.
الغد - السبت 8-12-2018