حتى لا نصطدم بالجدار
لا بد من الوقوف على ما يعتلج صدور المواطنين من مشاعر وهواجس وأحاسيس تنفجر وتزيد من التعامل اللحظي مع الحدث، ولا بد من تفهم الحالة المعيشية للغالبية العظمى من الشرائح السكانية الممتدة على طول خط الفقر الممتد من جنوب الأردن إلى شماله، الذين نضبت لديهم كثير من مصادر الرزق الذاتية التي كانت تتمثل بالزراعة للريف الأردني الواسع، وكذلك الرعي والأغنام لشرائح أخرى عبر البادية الواسعة، وأصبحت الغالبية العظمى تعيش المعضلة المعقدة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة متطلبات الحياة، ومجاراة أنماط الاستهلاك الضخمة التي تفوق دخول الأردنيين، وفوق كل ذلك وجدنا أن هناك فئة فاسدة متورمة تزداد عدداً في كل عام، مما زاد من حدة الإرباك، وتفشي الاحباط واتساع دائرة اليأس التي تنذر بالخطورة.
ربما يصح قول القائل أن العامل الأكثر في خروج الناس نحو الشارع هو الأوضاع المعيشية الصعبة والظروف الاقتصادية الحرجة، لكن الحل لا يقتصر على هذا الجانب، وإنما يكمن الحل في إدراك أن الأوضاع تحتاج إلى إصلاح وطني شامل، وعبر منظومة متوازية ومتكاملة من المسارات الضرورية السياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، ومدخل الإصلاح يتمثل بالبوابة السياسية حتماً التي تجعل الشعب شريكاً في تحمل المسؤولية في كل مراحل العملية الإدارية للدولة، تخطيطاً وتشريعاً وتنفيذاً وتقويماً، وينبغي أن ننتهي من ثنائية الصراع والتنافس بين طبقة البيروقراط وطبقة النيوليبرالية، فكلاهما أثبت ما لديه وقال ما عنده، فنحن بحاجة إلى منهجية جديدة في إدارة الدولة تتثمل بطريقة اختيار الحكومات ورجال الوزارات، وهذا يجعلنا أمام خريطة طريق تتمثل ببضع خطوات، تبدأ بحوار وطني شامل للتوافق على قانون انتخابات عصري قادر على فرز مجلس نواب سياسي حزبي برامجي، ومن ثم تشكيل حكومة برلمانية حزبية برامجية تتولى وضع خطواتها الأولى على طريق الإصلاح الوطني الشامل وينبغي أن يتم ذلك خلال سنتين فقط، وبغير ذلك سوف نبقى نطحن الماء ونمضغ الهواء.
الدستور - الاحد 16-12-2018