قضية الصراع التقليدي بين النخب
هناك موضوع مهم وعلى قدر كبير من الخطورة يجري على الصعيد المحلي الأردني ويتم تناوله في الصالونات السياسية باهتمام بالغ، ويدور حول المعركة والحرب الخفية الشرسة التي تدور رحاها بين النخب المتنافسة على المناصب الحكومية الكبيرة، وعادة ما يتم وصف هذه المعركة أنها بين فريقين كبيرين: فريق البيروقراط أو ما يسمى عند خصومهم أحياناً الحرس القديم، وفريق الليبراليين الجدد، وهم ممن يطلق عليهم خصومهم أحياناً لقب الصلعان أو الديجاتل، ويبدو أن كل فريق يحاول أن يقترب من أصحاب القرار من أجل الاقناع بوجهة نظره وفلسفته في العمل، ويتم تبادل الاتهامات وتبادل اللكمات من أجل تحقيق الانتصار بالضربة القاضية أو عبرتسجيل النقاط على الأقل.
نحن هنا لسنا بصدد الوقوف مع طرف ضد طرف، ولسنا بمعرض ذكر إيجابيات وسلبيات كل طرف، ولسنا معنيين الآن بفتح سجلات الحسابات السابقة، وعمل ورشات تقويم حول ما قدم كل منهما، ولكن نحن بصدد الانتقال إلى المستقبل والتعامل مع المرحلة القادمة، مما يحتم علينا جميعاً أن لا نسهم بفتح مجالس عزاء أو لطم، بقدر ما ينبغي الحرص الجماعي المسؤول على انقاذ ما يمكن انقاذه، وأن يتم إعلاء شأن المصلحة العامة وإعلاء شأن مستقبل الوطن وحماية الشعب، قبل الذهاب إلى معزوفات الاتهام بالتدمير والتخريب من جهة أو معزوفات الاتهام بالجمود والتقليد من جهة أخرى.
ولذلك يمكن الذهاب إلى منهجية أخرى مختلفة بدلاً من الصراع والمناكفة ومعارك التدمير الذاتي، وضرورة الذهاب إلى منهجية المزج والتوافق والتعاون بين الاتجاهات المختلفة، بحيث يتم اختيار الكفاءات والتخصصات المشهود لها بالنزاهة والخبرة والانتماء الوطني العميق ونظافة اليد، بغض النظر عن الانتماء لمختلف المعسكرين، وأعتقد أن هذا ممكن في ظل الفشل المتراكم الممزوج بالعجز والارتباك.
نحن بحاجة إلى المزج العبقري بين التحصيل العلمي المبدع من معظم جامعات العالم، مع الخبرة العلمية المتأتية من معرفة الأردن والأردنيين بطريقة دقيقة وذكية تقوم على المعايشة والخبرة الميدانية المتأتية من التواصل الدائم والمستمر مع مختلف شرائح المجتمع من كل الأعمار وفي كل بقاع الأردن وعلى صعيد كل المهن والاختصاصات، ولذلك نحن نريد خريج هارفرد واكسفورد، وفي الوقت نفسه يعرف «حمرا حمد» و «مريغه» و «كفرخل» و «زحر» و»ذنيبه» وغيرها، ويعرف عاداتهم وأعرافهم ومشاكلهم وآمالهم وطموحاتهم.
نحن بحاجة إلى منهجية جديدة تجعلنا قادرين على الاستفادة من كل عقل أردني ومن كل خبرة أردنية، وقادرة على الاستثمار في طاقات الشعب الأردني وتوظيفها في معركة التقدم والنهوض وصناعة الازدهار بدلاً من معارك التنافس على المناصب والصراع بين الصالونات السياسية التي أدت دورها في اشعال جذوة التنافس السلبي.
لدستور - الثلاثاء 18-12-2018