فضيحة قوات سوريا الديمقراطية بعد قرار ترامب
ما أن اعلن ترامب انسحاب القوات الامريكية من سوريا "لا يعرف بعد شكل هذا الانسحاب " حتى بدأت من تسمى قوات سورية الديمقراطية التي تتشكل بأغلبها من وحدات الحماية الكردية ، العويل ولطم الخدود وشق الصدور ، أسفا على " خيانة " الأمريكيين وغدرهم بهذا الفصيل الكردي " المخلص " للغرب ولكل ما هو ضد المنطقة وشعوبها .
الفصيل المصدوم بالقرار الامريكي وقع ضحية اخطاء في التحالفات كان بالامكان تلافيها لولا المراهقة السياسية التي يتمتع بها زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي والرئيسان المشتركان لمجلس " سوريا الديمقراطية " وبقية القيادة الحقيقية أو " الواجهة " التي تتبع هذا الفصيل الانفصالي العرقي ، قاتل العرب وحارق القرى ومهجر عشرات آلاف السوريين عن بيوتهم واراضيهم وقراهم ومدنهم .
الاكراد المنضوون تحت ميليشيا سوريا الديمقراطية ، الذين قبلوا ان يبيعوا بلادهم للغزاة ولمن يدفع أكثر ، باتوا الآن في العراء يستعيدون بحسرة وصغار ذكريات تل ابيض واناشيد كوباني التي ضحك بهم عليها الغرب الباحث عن مصالحه والذي اتخذهم سخريا ولكن بإرادتهم .
ومن سفاهة قادة هؤلاء ، أنهم وقبل أن يجف حبر قرار ترامب بسحب القوات ، أعلنوا ارتماءهم في الحضن الفرنسي مطالبين بحماية تعوض " غدر "أمريكا ، وبالفعل تلقوا وعدا فرنسيا بالحماية بعد استقبال الاليزيه الجمعة لاثنين من قادتهم ، متناسين ما فعلته فرنسا ببلدهم سوريا في الربع الأول من القرن العشرين، حيث قسمه الاستعمار الفرنسي ودفع إلى تفتيته لولا الثورات السورية التي بدأت في العام 1920 ولم تنته بالثورة الكبرى بقيادة سلطان باشا الاطرش في العام 1925 والتي افضت آثارها الى رحيل المستعمر في العام 1946 حيث اعيد توحيد سوريا كما كنا نراها حتى وقت قريب ، قبل ابتلاع الروس والايرانيين لمدنها وقراها وتجزئة البلد من جديد على أساس طائفي لن يجلب للشعب السوري الا الدمار والشنار والهوان حاضرا ومستقبلا .
قوات سوريا الديمقراطية التي كان يتفنن قادتها في تسويق أنفسهم من خلال بث صور مقاتلات جميلات يرتدين " الكاكي " ويحملن الكلاشينكوف ويشربن البيرة وينشدن للتحرير ، في أسوأ عملية نشر شرف عسكري على طريقة عرض الازياء ، هذه الميليشيات التي أعلنت الإلحاد جهارا نهارا ونشرت صورا لقادتها ومقاتليها وهم يهينون المصحف ( الصورة على النت وفي محرك جوجل " لم تفطن ، أو لم يفطن قادتها بأن هذا الغرب وهذا الشرق ليسا بحاجة لكل هذه الدعاية السخيفة ، وإنه لا يهمهما سوى شراء واستغلال دماء هؤلاء وشبابهم وشاباتهم واطلاق وعود تحررية قيل لهم فيها إنها ستكون نتاج حصادهم بعد القضاء على تنظيم داعش الارهابي ، ولكن رياح هذه القوات التي وضعها الامريكان في المقدمة وتحت النار المباشرة في المعارك الطاحنة التي خيضت مع تنظيم داعش لم تجر بما تشتهي سفن صالح مسلم وغيره ، فنبذ هو وقواته ومقاتلوه ومقاتلاته إلى العراء وإلى المزابل مذمومين مدحورين ، إذ رأيناهم ينكشفون على حقيقتهم وهم يتظاهرون قبالة القواعد الامريكية مطالبين بإلغاء قرار الإنسحاب وببقاء المحتل على ترابهم الوطني ، وفي نفس الوقت رأيناهم يلعقون أحذية الفرنسيين حيث يعيد السيناريو نفسه من خلال التعرض مرة اخرى لحالة اللدغ من نفس الجحر ، وعما قليل ، سينبذهم الفرنسيون ويبحثون عن" متعاقدين " جدد غيرهم إذاما اختلط الحابل بالنابل بالوضع الاقتصادي بالازمة السياسية، بالسترات الصفراء وبريكست ( خروج بريطانيا ) وبسواها .
آلاف الاطنان من الأسلحة التي زود بها الامريكيون حلفاءهم السابقين وعلى رأسهم هذا الفصيل لن تستطيع صد اعدائهم إذا ما قرروا اقتلاع هؤلاء من شرق الفرات ، وسنشهد في الاسابيع القادمة ارتماءات جديدة لهؤلاء في احضان كثيرة ، بعد ان تكشفت قدراتهم الحقيقية التي لم تكن سوى اكذوبة لولا الدعم الجوي الامريكي الذي انتهى الآن ، والذي لن يعوضه بالتأكيد أي دعم فرنسي بنفس القوة ، لأن هناك روسيا التي قد تدخل على خط حمايتهم أو ايجاد حل لهم ، وهناك ايران وهناك الأتراك الذين يعدون الايام للأنقضاض على هذه القوات المتهالكة الخائرة وبدون رحمة .
قلنا عبر هذه الزاوية أكثر من مرة : إن المتغطي بالأمريكان بردان !.
د.فطين البداد
جي بي سي نيوز