ما الذي تريده السلطة في رام الله؟
لا احد يعلم ما الذي تريده السلطة في رام الله، والتي وصفها احمد المجدلاوي بالقيادة؟ فعضو اللجنة التنفيذية المجدلاوي قال ان حكومة الحمد الله حكومة توافق جاء على خلفية اتفاق القاهرة والحاجة الان ظهرت كما يفهم من كلامه لإنشاء حكومة منظمة التحرير التي تناقش تشكيلها القيادة؛ فهل يعني ذلك نهاية جسم سياسي وقانوني يعتبر احد مكونات السلطة وهو المجلس التشريعي.
تصريحات المجدلاوي تزامنت مع سحب السلطة في رام الله لعناصرها من معابر قطاع غزة، لترفع من حدة التوتر بين فصائل المقاومة وعلى رأسها حماس والسلطة الممثلة بالرئيس عباس؛ فالسلطة في رام الله تستهدف كل ما يربطها بالقطاع من مؤسسات وتفاهمات، عاكسة رغبة خفية بالانعزال عن الواقع المتشكل في فلسطين والاقليم والساحة الدولية.
مقابل هذا التصعيد اعلن حسن الشيخ القيادي في السلطة بأن الحل مع غزة لن يكون بالمفرق بل بالجملة؛ أي كل شيء او لا شيء وهو منطق للأسف بعيد جدا عن المفاهيم والادوات السياسية المتعارف عليها ليغلق كافة الابواب الممكنة للتفاوض.
يبقى السؤال: ما الذي تريده السلطة؟ هل تريد تعطيل مسار المصالحة جملة وتفصيلا، هل تريد قطع صلتها بقطاع غزة؟ هل تريد اعاقة جولة اسماعيل هنية التي تشمل موسكو يوم 15 الشهر الحالي؟ هل تريد ان توقف وصول الدفعة الثالثة من المنحة القطرية الى قطاع غزة خصوصا ان الكيان اعلن عن منع دخول هذه المنحة فور اغلاق المعابر وتسليمها للمقاومة وحركة حماس يوم اول امس الاحد؟
السؤال باق ما بقيت السلطة في رام الله، لن يختفي؛ فالسلطة تبادر الى توتير الاجواء وخلق المناخات التأزيمية بشكل غير مسبوق منذ اشهر دون تفسير منطقي يعول عليه الا الخشية على مستقبلها السياسي كفاعل في الساحة المحلية والاقليمية.
عمليات التأزيم المتلاحقة بقطع الرواتب ووقف كافة اشكال التواصل مع القطاع؛ وتشديد العقوبات حتى على كوادرها المتمردة بلغت ذروتها هذا خلال الاسابيع القليلة الماضية بحل المجلس التشريعي الذي تم التشكيك بدستوريته من قبل كبار رجال القانون في فلسطين وعلى رأسهم الدكتور احمد الخالدي ودكتور القانون الدولي انيس قاسم، محولة بذلك ورقة حل التشريعي الى نقطة ضعف مربكة بدل ان تكون ورقة قوية بيد السلطة، مفسرة بذلك تصريحات المجدلاوي الاخيرة المربكة والداعية لتشكيل حكومة منظمة التحرير، فالارتباك بات سمة اساسية لخطوات السلطة في رام الله، ومؤشرا على ارباك متوقع يفاقمه خطوة سحب كوادر السلطة وموظفيها من معابر قطاع غزة.
خطوة ستقود الى ذات النتيجة المربكة التي ستفرغ من مضمونها السياسي والقانوني بدل ان تكون ورقة قوة بيد السلطة.
الاستنتاج الوحيد لكل ما جرى من تصعيد خلال الاسابيع الاخيرة خصوصا من قبل السلطة يؤكد ان السلطة في رام الله تعيش مأزقا كبيرا، لا يمكن الخروج منه باتخاذ اجراءات قانونية او ميدانية بيروقراطية، فأوراق السلطة مردودها ضعيف اعلاميا وسياسيا وقانونيا، ولا تتضمن مبادرات واقعية وانما مجرد انعكاس لأزمة داخلية تزداد تعمقا لدى السلطة في رام الله؛ دائرة مفرغة ستقود حتما الى فقدانها لكل آليات التأثير في الساحة الفلسطينية المحلية وفي الساحة الاقليمية والدولية ايضا؛ اذ يراها الكثير من المراقبين بأنها عدمية سياسيا وقانونيا واقتصاديا.
السبيل - الاثنين 7-1-2019