نتنياهو الثوري الخارق
نقلت وكالة الانباء الفرنسية عن نتنياهو قبل أن يستقل الطائرة من مطار بن غوريون متوجها الى تشاد قوله ان هذه الزيارة «إلى بلد مسلم كبير جدا له حدود مع ليبيا والسودان تشكل اختراقا تاريخيا»، واعتبر أن هذه الزيارة تندرج في إطار ما وصفه بـ «الثورة التي نقوم بها في العالم العربي والمسلم والتي وعدتُ بإنجازها»، كما أعلن نتنياهو أن زيارته تشاد ستكون فرصة لإعلان «أنباء مهمة»، في إشارة إلى احتمال استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين المقطوعة منذ 1972.
نتنياهو مزج بين حملته الانتخابية وبين مشاريعه التطبيعية التي تتضمن اختراقات امنية خطيرة لأمن القارة الافريقية والعالم العربي، ولم يتوان عن وصف زيارته بالاختراق التاريخي، خصوصا ان العلاقة لن تقتصر على الجانب الدبلوماسي بل تشمل تطوير العلاقات الامنية والعسكرية بحجة مواجهة جماعة بوكو حرام، غير ان الامر يتجاوز ذلك بتهديد امن السودان وليبيا وكذلك الحال الجزائر ومصر فنتنياهو ثوري بطبيعته وداعم اصيل للحروب الاهلية وعمليات التمرد.
الاختراق الصهيوني سيفاقم الاعباء على ليبيا والسودان والجزائر ومصر بتوسعه في منطقة الساحل والصحراء المضطربة والهشة امنيا؛ اذ لم يكتف بإحداث خروقات خطيرة شرق القارة الافريقية في اثيوبيا وكينيا وارتيريا والبحر الاحمر بل توسع بشكل خطير في الساحل والصحراء.
نتنياهو قدم نفسه كثوري ولاعب مهم في رسم معالم الامن في المنطقة امر سيجد له صدى في باريس وايطاليا وواشنطن ولو بشكل آني، الا نه سرعان ما سيتحول الى نقمة؛ فالخدمات التي قدمها الكيان الاسرائيلي لدول القارة السمراء لم تسهم في تحقيق الامن بل فاقمت الازمات والتي كان آخرها تورط ضباط وشركات ومصانع السلاح التابعة للكيان في توريد السلاح والمرتزقة لجمهورية جنوب السودان بشكل فاقم من حدة الازمة والحرب الاهلية؛ اذ أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن فرض عقوبات على ست شركات وثلاثة أشخاص لصلتهم بالنزاع في جنوب السودان شملت الإسرائيلي «يسرائيل زيفب» بسبب إدارته نشاطات شركات ضالعة في النزاع ومسجلة في كل من الكيان الإسرائيلي وجنوب السودان.
الحماسة التي تبديها الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية ستنقلب الى انتكاسة فتواجد الكيان في القارة الافريقية لا يختلف عن تواجد المجموعات الارهابية اذ سيزيد الامر سوءا على الارجح وسيفاقم ازمات القارة الافريقية بدون شك وسيؤدي الى تفاقم ازمة الهجرة واللجوء من القارة الافريقية بدل وقفها؛ فالأجندة الاسرائيلية لا تتضمن دعم الاستقرار بل اثارة المزيد من الفوضى التي تنعكس سلبا على امن القارة والعالم العربي فأي فوضى في هذه المناطق هي مكسب للكيان الاسرائيلي، وهذه عقيدة امنية للكيان لن يطول الامر حتى تبدأ بالتفاعل السلبي المدمر، وهي الثورة الحقيقية الممكن ان يشعلها نتيناهو في المنطقة؛ فحيثما حل نتنياهو حلت الفوضى وارتفعت منسوب الهجرة واللجوء.
السبيل - الاحد 20-1-2019