شتان بين من يفتح عقله ومن يفتح فمه
حينما تكشف استطلاعات الرأي في اسرائيل بأن الليكود بزعامة نتيناهو لا زال يتسيد المشهد، رغم فضائحه واتهامات الفساد التي تلاحقه ، فإن هذا يعني بأن المجتمع الصهيوني آخذ كعادته في الجنوح كل يوم صوب التطرف ، ناهيك عن استطلاعات اخرى أجريت بين الاحزاب نفسها أكدت - بأغلبيتها- استعدادها للدخول إلى حكومة يتزعمها نتنياهو بمن في ذلك ليبرمان ، بغض النظر هل تم توجيه لائحة اتهام له أم لا .
لندع الإستطلاعات ولنتحدث عن بحث " عسكري " أعده غرشون هكوهين ، الرئيس السابق للكليات العسكرية ، ورئيس التجنيد في الجيش ، وهو رجل يحظى باحترام في الاوساط العسكرية ، حيث حذر في بحثه الذي نشرته اسرائيل اليوم قبل ايام من اي انسحاب من الضفة الغربية ، معتبرا بأن اي تفكير بذلك يعتبر استهتارا ستدفع اسرائيل ثمنه باهظا لكونه يشكل خطرا وجوديا عليها .
ولما كانت الولايات المتحدة أعلنت على لسان وزير خارجيتها مايكل بومبيو بأن مباحثات السلام " صفقة القرن " ستبدأ بعد الانتخابات الاسرائيلية ، ولما كانت نتيجة الانتخابات محسومة لنتنياهو ، وفي ظل اعلان الاحزاب اليمينية المتطرفة بمن فيها الدينية منها عزمها الدخول في الحكومة المرتقبة ، فإنه آن لنا ان نتخيل اي مباحثات هذه التي تبشر بها واشنطن ، وما هي مآلاتها ، مضافا اليها ما خلص اليه هذا البحث العنصري الذي
اعتمد على فلسفة تقول : بأن الحروب الحديثة طرأت عليها قواعد جديدة : إذ باتت تعتمد على المدنيين وليس على الجيوش النظامية ، وهنا يكمن الخطر وفق ما يقول البحث الذي اضاف : إن الفلسطينيين ، المدنيين ، سينخرطون في حرب ضد اسرائيل في حال انسحابها ، ما يستوجب بقاء الاحتلال في الضفة لدرء هذا الخطر .
وإذا قرأنا البحث المذكور سياسيا ، فإننا ندرك بأن الكيان لا يفوت يوما واحدا دون التحضير لاحباط اي مفاوضات حتى تلك المرفوضة شروطها جملة وتفصيلا ، أو أي تفكير بإمكانية وجود حتى دويلة فلسطينية مقطعة الاوصال ومنزوعة السلاح ، وهذا يوضح للمرة المليون بأن الكيان العبري يعمل في جميع الاتجاهات وفي كل الأوقات لبقاء الاحتلال واحباط حتى صفقة القرن التي ما جاءت اصلا إلا لمصلحته وبقائه ورفاهيته.
باختصار .. هو بحث يجب التوقف عنده ، فشتان بين من يفتح عقله ، ومن يفتح فمه !.
د.فطين البداد
جي بي سي نيوز