أثر الثقافة الإسلامية
يشكل الإنسان من خلال مطالعته قدرا جيدا من الثقافة حول علم ما، فهناك الثقافة الصحية والتربوية والفلسفية والدينية والرياضية والفنية..الخ. والثقافة لا تعني أن الإنسان المثقف صار متخصصا في ذلك المجال، ولكنه يستطيع أن يتصور ذلك العلم، وأن يفهم جزءا من مصطلحاته وتقسيماته وفوائده.
وإذا كان للشخص ثقافة طبية عالية، فهذا لا يعني أن يكون بصحة جيدة، ولا يلزم منه أيضا أن يكون ملتزما بالحياة الصحية من حيث المأكل والمشرب وغيرهما. فوجود الثقافة شيء، وتطبيقها على الواقع لتحصيل فوائدها شيء آخر.
التقيت بطائفة من الناس خلال حياتي لهم ثقافة إسلامية عالية، يحفظون كثيرا من الآيات والأحاديث والأحكام الفقهية، ولكنّ بعضهم لا يصلي، وبعضهم لا يصوم، وبعضهم يشرب الخمر. هنا يظهر الانفصال بين المعرفة وتطبيقها، فمجرد المعرفة عند الإنسان لا تكفي ليقطف الإنسان ثمرتها، بل لا بد من إنزال هذه المعارف على الواقع لقطف ثمارها. فما فائدة من يحفظ الآيات الآمرة بالمحافظة على الصلاة وهو لا يصلي. وما فائدة من يعرف أن الفطر في نهار رمضان عامدا دون عذر شرعي حرام، ومع هو يفطر دون عذر.
ولا يخفى أن عددا من المستشرقين الذين تخصصوا في الدراسات الإسلامية لم يكونوا مسلمين، فهم على دراية بعقيدة الإسلام، ولكنهم لم يؤمنوا بها، فما نفع هذه الدراية التي تجردت عن الاعتقاد؟
إن مجرد القراءة في العلوم الإسلامية المختلفة، لتشكيل ثقافة إسلامية متينة، لا تعني أن هذا الإنسان أصبح ممثلا عن الإسلام وناطقا باسمه. لكن من أراد أن يكون كذلك فعليه أن يؤمن بقلبه وعقله بالعقيدة الإسلامية أولا وقبل كل شيء، ثم يعتقد أحقيّة أحكام الشريعة الإسلامية وأخلاقها، وأن يطبّق هذه الأحكام امتثالا لأوامر الله تعالى، عندها سيقطف ثمرات الإيمان بالله والالتزام بأحكامه، أما مجرد المعرفة، فغير كافية إن لم يكن لها تطبيق على أرض الواقع في حياة الإنسان.
الدستور - الثلاثاء 29-1-2019