"فتح" لوحدها ومعزولة
أمر جيد ان ترحل حكومة رامي الحمدالله، والسبب ان الشأن الفلسطيني لا يصلح معه، ابدا، ان يديره تكنوقراط، مهما بلغت مهارته، فالقضية سياسية والحياة سياسية والشأن اليومي كله سياسة.
الامر الجيد الآخر في اقالة الحكومة ان فتح ستكتشف اثناء تشكيلها للحكومة الجديدة بأنها باتت معزولة، وان الجميع يبتعد عنها مسافات لا يستهان بها.
فحتى الان رفضت الفصائل الفلسطينية الثقيلة (الشعبية والديمقراطية) الانضمام للحكومة، ولا اعتقد ان من رفض الدخول في المجلس المركزي سيقبل بالحكومة.
وكذا اتوقع ان ترفض كلا من المبادرة، والشخصيات الوطنية الوازنة، الانضمام للحكومة، مما يجعلها حكرا على فتح وبعض الشخصيات والتنظيمات الطرفية الهامشية.
فتح تريد جذب الفصائل لجانبها وابعادهم عن حماس، فما يجري في غزة من توافق وطني لا يعجبها وتراه يمس بقيادتها وتصدرها للمستوى السياسي الفلسطيني.
لكنها ستفشل في ذلك، ومارثون تشكيل الحكومة سيثبت لها انها لم تعد قادرة على اقناع الفلسطيني بمشروعها وادبياتها وبرنامجها السياسي.
والسبب في عدم قدرتها على الاقناع انها باتت مستبدة وراغبة في ان يكون الجميع على دينها، لا تقبل الا بعباءتها، فالتوافق والمصالحة عند فتح تعني التبعية فقط لا غير.
تواجه حركة فتح ازمة شرعية عميقة، فمن الجهة السياسية فشلت التسوية، وانتهى الرهان على المفاوضات، ومن الجهة التنموية الاوضاع في الضفة اصعب بكثير من ايام الاحتلال المباشر.
اما وطنيا، فتحت قيادة فتح زاد الاستيطان في الضفة والتهويد في القدس والخليل، وانتفش التنسق الامني المهين، وتقطعت الاوصال بين المدن والقرى.
نعم اقالة حكومة الحمد الله، جيدة، لأنها ستثبت اي مأزق تعيشه القيادة الفلسطينية وحركة فتح، واي عزلة وانفضاض من حولها يحيط بها، فالدراسات والاستطلاعات قالت ذلك، لكن الواقع سيقول اكثر بكثير.
السبيل- الاربعاء 30-1-2019