ترمب يُشغل العالم
الرجل الوحيد في هذا العالم، الذي يستطيع اشغال كل فرد على وجه الارض يسمع ويري ويقرأ،هو الرئيس الامريكي دونالد ترمب،وبامكانه من خلال تغريدة صغيرة على تويتر، او اي موقع خاص به على مواقع التواصل الاجتماعي، او تصريح صحفي مسموع او مرئي او مقروء عبر وسائل الاعلام المختلفة، ان يحرك المليارات السبعة في العالم، فلا تستطيع وسيلة اعلامية في جميع دول العالم مهما كان نوعها وحجمها وانتشارها، ان تتجاهل ما يصدر عن الرئيس الامريكي من قول، مهما كان مضمونه او جدّيته او مصداقيته او الجهة المعنية به.
الذي يتكلم هنا هو القوة، بجميع انواعها واشكالها، العسكرية والاقتصادية، وعليها بُنيت القوة السياسية والاعلامية والنفوذ العالمي والقيادة العالمية، والتأثير في صياغة وصناعة وتشكيل القرار الدولي، وفرضه اجباريا او تمريره بموافقة دولية ظاهريا، لكن الدول المؤيدة للقرار، واقعيا وعمليا خضعت لضغوط سياسية ومالية واجبرت على الموافقة، ولم تمارس قناعاتها الذاتية ولم تعبر عن مواقفها الحقيقية، وانما ضعفها وحاجتها للمساعدات اجبراها على الانصياع للرغبة الامريكية.
واكثر ما يثير انتباه وجذب الاهتمام العالمي بكل ما يصدر عن الرئيس الامريكي ترمب، ان تصريحاته وطروحاته وافكاره غالبا تأتي بعكس التوقعات، وحتى افعاله التي تلقى معارضات قوية في الداخل الامريكي، وفي الخارج، يصر ويتمسك بقوة بضرورة تنفيذها، ويقف على حافة الخط الرديكالي المتشدد من اجل تمرير مقترحاته، كما يحصل في قضية بناء جدار على طول الحدود الامريكية المكسيكية لمنع الهجرة الى بلاده، وكما فعل بالاتفاق التجاري مع الصين، والانسحاب الامريكي العسكري من سوريا، وانسحاب الولايات المتحدة من العديد من المؤسسات والهيئات والمنظمات والاتفاقيات الدولية، والتخلي عن المسؤوليات الانسانية والاخلاقية تجاه العالم.
يعاكس يشاكس يعاند،يتشبث بموقفه ورأيه وفكرته، ويزداد تشددا وتعصبا واصرارا عليها، كلما ازداد عدد الاصوات المعارضة له وارتفع دويّها،وتجاذبت الفراغات صداها، فهو شخصية جدلية خلافية،لا يثق بالاخرين، المقربين منه والبعيدين عنه، ولا يقتنع بطروحاتهم ومقترحاتهم وافكارهم، ولا يعجبه الا ما ينتجه دماغه من افكار ومواقف، ولديه الاستعداد الدائم للصدام مع اية دولة او جهة في العالم، كلمة واحدة من ترمب،وقعها وصداها اقوى بكثير من وقع وصدى صواريخ وقنابل تنهال هنا وهناك، وخطوة عملية يتخذها تربك العالم وتخلخل توازناته وتخلط جميع اوراقه.
لكنه..لا يطيع الا حكومة الاحتلال الصهيوني، ولا ينصاع الا لرغباتها، ولا يستجيب الا لمطالبها دون نقاش، بل يسعى جاهدا لان يكون اكثر منها تشددا وتطرفا وعنفا ازاء الشعب الفلسطيني.
لم يتوافق توافقا تاما الا مع الاحتلال الصهيوني، ولم يُظهر الوجه الآخر الناعم الدافىء لشخصيته الا للاحتلال الصهيوني، اما عداؤه العميق جدا.. فهو للشعب الفلسطيني.
الدستور - الجمعة 8-2-2019