تحذيرات جديدة من انهيار «السلطة»
حذر جنرالان في جيش الكيان من مخاطر انهيار السلطة، وهما رئيس «المعهد للسياسة والإستراتيجية» في المركز المتعدد المجالات في هرتسيليا، اللواء في الاحتياط عاموس غلعاد، وهو «منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية» السابق في الضفة الغربية وقطاع غزة، والباحث الكبير في المعهد نفسه، العميد في الاحتياط أودي أفينطال.
اجراس جديدة قرعت لتضاف الى سلسلة طويلة من التحذيرات المنقولة عن قيادات داخل الكيان الاسرائيلي، غير ان ما يميز التحذير الاخير انه ترافق مع اعلان وقف المساعدات الامريكية الى السلطة الفلسطينية لرام الله وتوقف السلطة عن تلقيها للمساعدات الامنية المقدمة للجهاز الامني بـقيمة تبلغ 60 مليون دولار.
بغض النظر عن الاعلانات وعن طبيعة المساعدات المقدمة للسلطة والغاية من التحذيرات الصهيونية، فإن ازمة السلطة عميقة جدا، خصوصا بعد اقالة الرئيس عباس لرئيس وزرائه الحمد الله وتعثر تشكيل حكومة جديدة بمسمى حكومة منظمة التحرير بعد رفض كل من الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية المشاركة في الحكومة الجديدة، تاركا سلطة رام الله في حالة انكشاف كبيرة على الصعيد الوطني والاقليمي والدولي.
انهيار السلطة ليس امرا سهلا ولكنه بات ممكنا جدا في ظل الاستحقاقات البيولوجية التي تعاني منها، والاهم من ذلك تصاعد الحملات الامنية والاغتيالات الميدانية التي يمارسها جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين التي خطفت يوم امس الاربعاء مواطنا فلسطينيا؛ فالسلطة تقف عاجزة عن وقف الهجمات اليومية وتقف بلا تأثير امام الاقتحامات المتكررة للمسجد الاقصى؛ ما يفتح الباب لسيناريو انفجار الاوضاع الداخلية على شكل احتجاجات او مواجهات واسعة مع قوات الاحتلال تفقد السلطة في رام الله بعدها فاعليتها الميدانية والاقتصادية والسياسية.
ازمة السلطة مركبة فهي تخوض صراعا مع القوى الفلسطينية سواء في قطاع غزة ام في منظمة التحرير الفلسطينية، كما تقف حائرة امام المشاريع الامريكية والضغوط الاقليمية العربية المتحمسة لمشاريع التطبيع، ولا تملك رؤية للمواجهة وتستثمر كافة اوراقها ومن ضمنها الحكومة في صراعها المحتدم مع حركة حماس في قطاع غزة دون جدوى تذكر.
التحذيرات من انهيار السلطة لم تعد مجرد اعلانات وسياسات تهدف لتشكيل رافعة لها بل باتت مخاوف حقيقية تعبر عن انهيار ركن جديد من اركانها وتراكم آخر يفضي الى انهيارها.
الاحداث في الضفة الغربية قابلة لأن تتسارع خلال الاشهر القليلة القادمة؛ امر يتطلب جاهزية عالية لدى الفصائل الفلسطينية ودول الجوار والاقليم فانهيار السلطة يتطلب توافر مشروع بديل يتجاوز السلطة ويتجاوز خطط الطوارئ والمشاريع الاسرائيلية التوسعية؛ فالمتغيرات الاقليمية باتت حمالة اوجه؛ ما سيجعل من الصراع المقبل في الضفة الغربية حالة تعيد تشكيل التوازنات وتصوب الاختلالات؛ مسألة طالت ام قصرت لا تعني بالضرورة نجاح الرؤية الاسرائيلية الامريكية؛ ذلك ان الاقليم والعالم يزخر بالمتغيرات والتقلبات التي تجعل من المستحيل تقديم حل جاهز او وصفة متكاملة؛ إذ لا يوجد سيناريو وحيد في المنطقة فالسيناريوهات المتعددة المتخيلة قابلة للتبخر بذات السرعة التي من الممكن ان تتشكل بها.
السبيل - الاربعاء 6-2-2019