تمثيلية
في ظني أن هناك مؤسسات لا تأبه للدولة كثيرا إن انحدرت سمعتها لدى المواطنين وأصبحت «ملطشة» على الألسن وفي المجالس العامة والخاصة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
من تلك المؤسسات مؤسسة مجلس النواب، فهو «الحيط الواطي» من بين كل مؤسسات الدولة، وأجهزة الدولة لا تأبه حتى لو كان استهداف مجلس النواب يعني الحط من قيمة المؤسسة الديمقراطية التي تمثل المواطنين.
سيقال إن مجلس النواب هو إفراز الشعب، وهنا تكمن الخطورة، فهذا يعني أن الشعب غير مؤهل لإفراز مجلس نواب قوي، ما يعني أن الشعب غير مؤهل للديمقراطية!!
سيقال كذلك إن مجلس النواب هو التعبير عن الديمقراطية، والديمقراطية هي حرية التعبير عن الرأي، لذلك يجب أن يتحمل كل ما يقال عنه، والرد هنا أن حرية التعبير لا تتجزأ، فكما أن هناك حرية تعبير واسعة ومفتوحة حيال مجلس النواب، فلماذا لا نرى مثل هذه الحرية متاحة في وجه مؤسسات أخرى مثلا!!
سيقال إن حرية التعبير متاحة لكن الشعب هو الذي يفضل الهجوم على مجلس النواب، والرد أن الشعب أصبح يعرف مسبقا وبدون إعلانات ما هو المتاح له وما هو غير المتاح، تماما كما نعبر عن ذلك في الوسط الصحفي بـ»الرقيب الذاتي»، فبعد الخبرة التي يكتسبها الصحفي يعلم ما هو المسموح وما هو غير المسموح، ويعلم أن هناك خطوطا حمرا حتى لو لم ينص عليها القانون، وأن هناك خطوطا خضرا حتى لو نص القانون أنها حمراء!!
أخيرا من قال إن مجلس النواب هو إفراز الشعب، قد يكون هذا ظاهرياً صحيحاً؛ فالشعب هو الذي ذهب إلى صناديق الانتخاب، وهو الذي وضع ورقة الاقتراع، وفرْز الأوراق هو الذي أوصل النائب إلى مقعده تحت القبة، لكن هذه نصف الحكاية أو رأس جبل الجليد، والحقيقة فإن قانون الانتخاب الذي هو صنيعة السلطة التنفيذية يشارك الشعب بنسبة 50 في المئة في إنتاج مجلس النواب، وهذه حقيقة يتم تجاهلها دائما عند الهجوم على مجلس النواب أو الهجوم على شخوص النواب، وإذا أضفنا محاولات التدخل في الانتخابات فلن تصل نسبة مشاركة الشعب في إنتاج مجلس النواب إلى أكثر من 25 في المئة.
والبعض ينظر إلى المناوشات التي تحصل بين الفينة والأخرى في مجلس النواب وتؤدي إلى إهدار قيمة مؤسسة مجلس النواب لدى الشعب بأنها تمثيليات مقصودة ومرسومة لتؤدي هدفها.
السبيل - الاربعاء 6-2-2019