الأحزاب السياسية
في خمسينيات القرن الماضي وحتى منتصف الستينيات كان للأحزاب السياسية حضورها القوي وكانت تستقطب أعدادا كبيرة من الشباب وكانت معظم هذه الأحزاب محظورة مثل الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الإشتراكي والقوميين العرب وحزب التحرير ....الخ بإستثناء جماعة الإخوان المسلمين التي كان مسموحا لها ممارسة نشاطها السياسي كما تشاء وكانت الحكومات الأردنية تلاحق قادة هذه الأحزاب المحظورة وكانت هناك هالة شبه قدسية حول قادة بعض هذه الأحزاب تكاد تقترب من القدسية وكان البعض يعتبرهم أبطالا وطنيين.
وعندما شكل الشهيد وصفي التل حكومته الثانية أخرج جميع المعتقلين من السجون واعتبارا من العام 1989 سمح لجميع الأحزاب أن تحصل على تراخيص من وزارة الداخلية وأن تعمل في العلن وتفتتح مقارّ لها إلا أن وهج هذه الأحزاب انتهى وذهب إلى غير رجعة وأصبح عدد أعضائها قليلا جدا وانتهى تأثيرها القديم، وعندما صدر قانون الأحزاب الجديد والذي اشترط وجود خمسمائة عضو مؤسس في أي حزب يريد أن يحصل على ترخيص من وزارة الداخلية لم يجد قادة معظم هذه الأحزاب هذا العدد من الأعضاء حتى الأحزاب العريقة منها واضطروا إلى أن يبحثوا عن الأصدقاء القدامى ليسجلوهم شكليا في أحزابهم حتى يحققوا العدد المطلوب.
قانون الأحزاب الجديد يمنح للأحزاب الأردنية مبالغ مالية مجزية كل عام؛ لكن حتى هذه الساعة لم تستطع هذه الأحزاب استقطاب عدد معقول من المواطنين بل إن عدد الأعضاء الفعليين للبعض منها لا يصل إلى مائتي عضو وهي غير فاعلة على الساحة السياسية ولا حتى على الساحة الاجتماعية، وفي الانتخابات النيابية السابقة لم يستطع أي من هذه الأحزاب إيصال نائب واحد إلى مجلس النواب، وإذا كان هناك نائب قد نجح فإنه لم يحقق هذا النجاح؛ لأنه حزبي، وقد فوجئنا جميعا ببعض قادة هذه الأحزاب يعلن بعد الانتخابات الأخيرة بأن كذا نائبا قد نجح من حزبه لكن هؤلاء النواب لم يعلن أنهم من هذا الحزب عند ترشيحهم.
الأيدولوجيات الحزبية السابقة سقطت ولم يعد لها أي قيمة الآن؛ لأنها أيدولوجيات مستوردة، ويقترح بعض المراقبين السياسيين أن تندمج بعض الأحزاب مع بعضها البعض وأن تعلن أنها أحزاب أردنية وليس لها أي امتداد في الخارج، وأن هدفها الأول والأخير هو مصلحة الأردن ومصلحة شعبه، وأنها تتطلع إلى مستقبل زاهر لهذا الوطن ولشعبه، وستعمل من هذا المنطلق وعندها كما يعتقد هؤلاء المراقبون ستكبر هذه الأحزاب وسينضم لها العديد من المواطنين وستصبح أحزابا مؤثرة في السياسات المحلية، وستصل بسرعة إلى مرحلة تفرز فيها عددا كبيرا من النواب الذين يمثلونها وقد تشكل الحكومة أو تكون في صفوف المعارضة وهذا كله يعتمد على قناعات قادتها ورؤيتهم الوطنية والحدود التي ينظرون فيها إلى هذا الوطن ومستقبله السياسي.
الدستور - الاحد 10-2-2019