أستانة 12 وهجوم إدلب
رغم الحشود الكبيرة لقوات النظام السوري على ادلب الا ان الشكوك قوية بإمكانية شن هجوم ناجح على المحافظة في ظل الانقسام الكبير بين اقطاب النظام السوري وعلى رأسها الفرقة الرابعة والفرقة الخامسة؛ اذ اشتبكت في سهل الغاب وعدد من المواقع في تنافس واضح على مناطق النفوذ وترافقت مع شكوك بولاء المقاتلين الجدد الذين انضموا لقوات الجيش السوري «النظام»؛ مسألة من الممكن ان تنعكس بقوة على معركة ادلب ودوافعها الحقيقية.
هجوم قرعت طبوله بعد قمة سوتشي اربعة، وازداد القرع صخبا مع اقتراب موعد انعقاد استانا 12 التي سيكون محورها الدستور السوري حيث حسم بشكل مؤقت بند علمانية الدولة لصالح بند متعددة القوميات والاعراق؛ ما يعني امكانية تشكل احزاب دينية واخرى قومية عرقية بل والاهم امكانية الوصول الى محاصصة في البرلمان والحكومة، امر يجد النظام السوري مشقة في قبوله.
صعوبات معركة إدلب لا تقتصر على تشتت قوات النظام السوري وتبعثرها السياسي بل وعلى مواقف القوى الحليفة؛ فالمليشيات المقربة من ايران اعلنت عن عدم مشاركتها في الحملة المقبلة كما لم تؤكد روسيا رغبتها في المشاركة في الحملة، فكلا الدولتين تملكان توافقات مهمة مع تركيا بل وتسعيان الى الوساطة بين تركيا والنظام السوري، مسألة من الممكن ان تنعكس بقوة على نتائج استانا 12؛ فتركيا كانت ولا زالت الطرف الاكثر رفضا لمفهوم علمانية الدولة والاكثر تمسكا بمفهوم متعددة الاعراق والقوميات.
ليس من المتوقع ان يشن هجوم واسع او ناجح على ادلب الا ان ساحات القتال ستشهد سخونة غير مسبوقة مع اقتراب موعد استانا 12 ومن ثم انعقاد سوتشي 5 ان صح التعبير؛ ذلك ان الاجتماع الثلاثي الايراني الروسي التركي سيعقد في المرة القادمة في انقرة.
عملية التفاوض حول الدستور السوري عملية باتت صعبة وشاقة وهي تترافق مع ترتيبات وحملات كبرى تمتد من الشمال الشرقي لسوريا الى الشمال الغربي؛ معركة ان حسمت سياسيا في استانا فإنه سيكون لها تداعيات كبرى على مستقبل سوريا بأكمله في المرحلة المقبلة، خصوصا ان امريكا ما زالت تحضر نفسها للانسحاب وتريد ضمانات معقولة للانفصاليين الاكراد، امر من الممكن ان يكون بند متعدد القوميات حلا مثاليا بالنسبة لأمريكا، الا انه سيبقى معضلة لتركيا فالقوات الانفصالية تحتاج الى اعادة هيكلة تتناسب مع متطلبات الامن التركي بل والايراني والروسي والاهم من ذلك المعايير السورية والعربية الداعية لوحدة التراب السوري.
السبيل - الاربعاء 20-2-2019