القنبلة النووية السعودية ولائحة الارهاب الاوروبية
يبدو أن ما اشيع عن قنبلة نووية سعودية أربك مراكز الدراسات الدولية والحكومات على حد سواء ، ذلك أن هذا الزعم يقابله تحليلات وتقارير ما لبثت أن تبعتها قرارات غير رسمية حتى الآن كشفت حقيقة الموقف الغربي من القضايا العربية عموما ومن السعودية على وجه الخصوص .
ففي الأيام السالفة الأخيرة ، تردد أن المفوضية الاوروبية إضافت المملكة العربية السعودية على مسودة القائمة التي ستنظرها دول الاتحاد للدول التي تدعم الارهاب ، حيث اصبحت السعودية بهذه الإضافة غير الرسمية وفق ما تردد ، الدولة العربية السادسة التي تتضمنها اللائحة وهي كل من : ليبيا وتونس والعراق وسوريا واليمن ، وسواء تم اعتماد هذه القائمة في غضون اسابيع من قبل دول الاتحاد الاوروبي أم لا ، أو تم استثناء السعودية فإنها قائمة تكشف حجم الضغينة التي تكنها بعض هذه الدول لبلاد الحرمين وما تمثله من ثقل في العالمين العربي والاسلامي .
إن تعمد الإساءة لسمعة هذا البلد العربي باتت واضحة عبر وسائل الإعلام الغربية التي ترصد كل كلمة أو حركة أو سكنة تصدر عنه ، بمناسبة وبدون مناسبة ، وبات ذلك جليا من خلال فتح الملف النووي السعودي ، وهو المشروع السلمي للإستفادة من الطاقة النووية في توليد الكهرباء لدولة مترامية الأطراف ، ولا غنى لها عن هذه التكنولوجيا ، غير أن توجس الغرب ومن قبله إسرائيل بأي أمر تفعله السعودية حتى لو كان صناعة ملعقة طعام ، كشف حقيقة ما تخبئه هذه الدول والكيانات لأي مشروع نهضوي عربي وخليجي وسعودي على وجه الخصوص .
وكرد فعل طبيعي لما تنشره الصحافة الأمريكية والغربية ، يدور سجال بين هذه الصحف ووسائل الإعلام ذوات التوجهات المختلفة بين حق السعودية الطبيعي في الحصول على تكنولوجيا نووية سلمية ، ورفض هذا الحق لمجرد وجود هواجس من قيام السعوديين بتخصيب اليورانيوم لدرجات تسمح لهم بصناعة سلاح نووي، يحظر على العرب ، أيا كانوا ، مجرد التفكير بامتلاكه لا من قريب ولا من بعيد.
فمن جهتها ، دافعت مجلة فورين بوليسي الصادرة بالولايات المتحدة عن حق السعودية بالحصول على مفاعلات نووية سلمية معتبرة ما قاله الحزب الديمقراطي الأمريكي عن أن الرياض ستنتج سلاحا نوويا أمر مبالغ فيه ، حيث ساقت المجلة المذكورة في تقرير نشرته الجمعة آراء متضاربة بهذا الشأن ، من بينها تصريحات لأحد مسؤولي إدارة اوباما ، ويخلص السجال في أن للسعودية الحق في بناء مفاعلات نووية سلمية ، بل ومن حقها تخصيب اليورانيوم شأنها شأن اي دولة أخرى في العالم بينما جنحت آراء أخرى ومن بينها الواشنطن بوست الى رفض ذلك ، ومن أنصار هذا المعسكر الأوروبيون الذين قيل إنهم أصدروا مسودة قائمتهم المذكورة بذرائع شتى ، وهم أنفسهم الذين ناصبوا ترامب العداء بسبب موقفه من النووي الايراني ، بل وهم أنفسهم الذين لم يجرؤوا على التعليق بأي كلمة عن عشرات القنابل النووية التي تمتلكها إسرائيل .
وما يغضبك في هذا الموقف الأوروبي ، هو أن دول الأتحاد تعقد في هذه الأثناء ( الأحد 24 فبراير الجاري ) مؤتمر قمة اوروبي - عربي في شرم الشيخ ، على رأسه كل من السعوديين والمصريين ، وبمشاركة 50 دولة عربية وأوروبية ، حيث سيمثل الاتحاد الاوروبي 24 رئيسا ومسؤولا من أصل 28 دولة في الاتحاد ، ولا أدري اية وقاحة هذه التي يتخلق بها بعض هؤلاء ، حينما يطيرون خبرا عن إدراج بلد مثل السعودية على " مسودة " لائحة الارهاب في الوقت الذي سيحضرون فيه مؤتمر القمة العربية الاوروبية المنعقد الآن .
أما الإسرائيليون ، وما أدراك ما الإسرائيليون ، فحدث ولا حرج ، إذ سرب موقع اسرائيل ديفيس مؤخرا تقريرا أبدى فيه مخاوف الكيان العبري من امتلاك السعودية لأي قدرات نووية ، بل إن الموقع المذكور تحدث عن أن السعوديين تعاقدوا مع الاردن لشراء اليورانيوم الأردني من أجل قنبلتهم النووية المزعومة ، كما تناول الموقع العبري الإستثمارات السعودية في باكستان ، وتناول بناء محطة نووية سعودية ومصانع صواريخ بالستية تعمل بالوقود الصلب ، دون ان ينسى الموقع المذكور إصدار تحذير ووعيد بأن إسرائيل لن تصمت على ذلك ، مختتما تقريره بقوله : " أصبحت الرغبة السعودية في الحصول على سلاح نووي حقيقة عامة أعرب عنها ولي العهد السعودي خلال المقابلة التي أجراها مع شبكة CBS. ولم يبق لإسرائيل سوى المراقبة والمتابعة، وربط النقاط والخيوط السعودية، وهي الخيوط التي قد تصبح سيف ديموقلس على الحكومة الإسرائيلية خلال السنوات القادمة " .
وبهذا التقرير الإسرائيلي أختم حديثي مكتفيا بالقول : إن السعودية هي من أشد الدول التي وقفت في وجه الإرهاب ولا زالت تواجهه بكل حزم ، وإن العرب المنهكين بخلافاتهم وتشتتهم مستهدفون بوجودهم وبقوتهم ومواردهم وحجرهم وشجرهم ومستقبلهم ، وإن هذه الأمة بحاجة لمن ينهض بها إلى الأمام وسط كل هذا العداء وهذا التآمر وهذه الأحقاد التي لم تنطفئ منذ أكثر من اربعة عشر قرنا حتى المؤتمر المنعقد الآن في شرم الشيخ .
د.فطين البداد
المصدر جي بي سي نيوز