انفجار أزمة البطالة
لطالما قیل إن البطالة قنبلة موقوتة. وھذه الأیام كأننا نشھد مقدمات انفجار القنبلة. عاما بعد عام كانت البطالة تتفاقم، عدد الخریجین یتزاید وعدد الفرص یتناقص، الجامعات والمعاھد كانت تقذف كل عام أكثر من 60 الف خریج لسوق العمل في حین لا یوفر الاقتصاد اكثر من 30 الف فرصة أما العمالة غیر المتعلمة فقد عانت من تأثیر مزدوج لتراجع النمو الاقتصادي والمنافسة الشرسة من العمالة السوریة . والآن یقترب الخریجون من مائة ألف سنویا بینما یعد الرئیس عمر الرزاز بأن یوفر السوق ھذا العام 30 الف فرصة عمل ! ویشبھ ذلك ما اعلنتھ الحكومة عن عدد فرص العمل المتوفرة الآن في المحافظات ردا على مسیرات العاطلین من المحافظات الى العاصمة وھي لیست فقط ارقاما تافھة قیاسا لحجم البطالة لكنھا افتراضیة وتمثل ما تبلغھ الشركات لمكاتب العمل عن الشواغر المتوفرة. تحركت الحكومة وقد أرھبھا زحف المتعطلین ولسان حالھا یقول لا تذھبوا إلى العاصمة ھا نحن قادمون عندكم لتوفیر الوظائف لكن الحقیقة أنھا لاتملك شیئا فعلیا تقدمھ. وإذا واجھ الوفد الحكومي مقاطعة ورفضا في بعض المواقع في معان أصبح الإعلان عن أعداد المواطنین الذین تقدموا بطلبات توظیف ھو عنوان النجاح للحملة! بمعنى أن الناس تتجاوب ولا تقاطع ممثلي الحكومة. وخرجت تصریحات عن وصول عدد المتقدمین بطلبات توظیف إلى كذا ألف علما أن عدد الوظائف المتوفرة كما أعلنت عنھا الحكومة ھي بالمئات. اما استقبال الطلبات من الدرك والأمن والدفاع المدني فبماذا یختلف عن برنامج الاستقبال الدوري الذي یعلن عنھ من ھذه الجھات؟ ولا نعتقد انھ سیتم التعامل مع ھذه الطلبات بغیر الآلیة المعروفة وضمن شروط القبول المعتمدة وحسب العدد المطلوب حتى لو كان ثمة قرار بزیادة العدد. في الأثناء انفجرت في وجھ الحكومة أزمة التعیینات. تعیینات قیادیة وعدت الحكومة بمراجعتھا ثم تعیینات وزارة العدل. والتعیین بعقود وبھذه الرواتب لیس جدیدا لكن ردة الفعل ھذه المرة كانت كاسحة فألغت الحكومة القرار.
وجاء حدیث الملك في مجلس السیاسات مشددا على الشفافیة والعلنیة وضمان اسس للمنافسة العادلة لھذه التعیینات. الحكومة مفزوعة وترید أن تفعل شیئا لتدارك الموقف فلجأت لھذا النوع من الاستعراض المھرجاني لمكافحة البطالة وھو اسلوب ابتدعھ وزیر العمل السابق د. نضال القطامین “ أیام التشغیل“ وحسب علمي في آخر المطاف لم یحدث فرقا فھو قد یساھم في التجسیر ما بین العرض والطلب لكن في النھایة القطاع الخاص بلقاءات الحكومة او بدونھا سیطلب وظائف بقدر حاجتھ. ولیس واردا ان تقوم الحكومة بفتح ابوابھا للوظائف بأكثر من حاجتھا المقننة ولا تستطیع الانقلاب على سیاسیة ترشید حجم القطاع العام. الحقیقة لیس ھناك وسیلة سریعة لتخفیض البطالة بل برنامج طویل الامد للنھوض بالاقتصاد لكن في الثناء یمكن تخفیف الاحتقان وخلق الرضى بنھج مختلف في مجال الشفافیة والعدالة الاجتماعیة اطلقنا علیھ في مقال سابق برنامج طوارئ اقتصادي في مقدمتھ التقشف في الامتیازات مثلا لیخفض ما یحصل علیھ الوزراء الى النصف ولیوضع سقف لأقصى دخل في القطاع العام. ولتفرض ضریبة تكافل خاصة على الثروة والدخول العالیة.
الغد - الجمعة 8-3-2019