«إسرائيل» في خطر كذلك
أصبحت هناك قناعة عامة وشاملة رسميا وشعبيا، بأن صفقة القرن تشكل خطرا كبيرا على دول المنطقة وخاصة الاردن وفلسطين، وان اصرار الادارة الامريكية حتى الان، على طرحها وتسويقها وفرضها، يشكل تحديا سافرا لارادة دول المنطقة وشعوبها، والقناعة الاكثر عمقا هي ان الصفقة سوف تكون سببا لتفجير الصراعات من جديد، وليس وسيلة للحلول السلمية وانهاء تلك الصراعات.
المخاطر التي ستنجم عن صفقة القرن لن تستثني احدا، لان المنطقة بأسرها سوف تنزلق الى الفوضى، والكيان المحتل الذي تم تفصيل الصفقة لخدمته وتثبيت وجوده، سوف يغرق هو الآخر في بحر من العنف المدمر، ولن ينفعه التفوق العسكري الذي يستند اليه في تعنته وتطرفه ورفضه الامتثال للشرعية الدولية، والالتزام باستحقاقات السلام، وعليه ان لا يضمن النجاح في تنفيذ مخططاته وتحقيق اهدافه التوسعية والسياسية والاقتصادية.
من حق جميع الدول والشعوب ان تتصدى للمخاطر الى تداهمها، وان تدافع عن وجودها ومصالحها ومستقبلها، ولن تتردد في تبني الخيارات الاكثر صعوبة وخطورة لدرء الخطر عنها والحفاظ على كيانها.
لن تنج «اسرائيل» من تبعات صفقة القرن، خاصة اذا وصل الشعب الفلسطيني الى قناعة بأنه لم يعد هناك شيء يخسره، ولن يكون وحيدا في معركته ضد الاحتلال هذه المرة، وسوف تفتح ابواب جهنم على المحتل من جميع الاتجاهات.
الحالة الاقتصادية المتردية التي وصلت اليها دول المنطقة، نتيجة الضغوطات الامريكية المباشرة او بتوجيهاتها المباشرة للدول الاخرى لممارسة نفس السياسة الاقتصادية الضاغطة من حلال تضييق قنوات المساعدات، هدفت الى اجبار الدول المستهدفة على الاذعان لمضمون وشروط وبنود صفقة القرن، والقبول بها وتمريرها رغم ما تحمله من مخاطر كثيرة تهدد وجودها ومستقبلها.
الاوضاع الاقتصادية سواء اتصفت بالصعوبة او بالرخاء، لا تقرر مصير شعوب ودول موضوعة في دائرة الاستهداف، والاموال لا يمكن ان تكون بديلا عن الاوطان مهما كان حجمها، والتلويح بالعصى احيانا «القوة «، والجزرة احيانا اخرى «الاغراءات المالية»، لا يلغي حقا ولا ينتقص منه، والشعب الذي صبر سبعين عاما يمكنه ان يصبر اعواما اخرى، وهو غير مضطر لتقديم أي تنازلات للمحتل غير المحصن من الخطر الذي يتهدد وجوده واستمراره.
الجهود الحكيمة التي يبذلها جلالة الملك عبدالله الثاني، الهادفة الى انقاذ دول المنطقة وشعوبها كافة من أتون الحروب والدمار، يجب ان تلقى آذانا صاغية في البيت الابيض قبل فوات الاوان وانفلات الكل من عقاله، في حال التمسك بخيار صفقة القرن المرفوضة بالمطلق.
الدستور - الجمعة 22-3-2019