المديونية الأردنية
حسب تقدیرات الناتج المحلي الإجمالي، فإن نسبة الدین العام الأردني تشكل ما نسبتھ 5.94% من ھذا الناتج حسب المعلومات الواردة من وزارة المالیة. وللتذكیر، فإن الناتج المحلي الإجمالي ّ الأردني ھو مجموع ما أنتجھ الأردن من سلع وخدمات في عام واحد مقدرة بأسعار ذلك العام ّ إلیھا ما صدره الأردن للخارج. ویقدر الناتج مطروحاً منھا ما استورد من الخارج ومضافاً المحلي الاجمالي بالدولار بحوالي (42 (ملیار دولار، بینما یبلغ مجموع الدین العام الخارجي والداخلي حوالي (39 (ملیار دولار. ولو قسمنا الرقم الثاني على الرقم الأول لحصلنا على نسبة . (9 (% تقریباً ولو تأملنا في الدین العام الكلي على الحكومة، فسنجد أن أكثر من نصفھ ھو دین داخلي على الحكومة والمؤسسات التابعة لھا. أي أن الدین الداخلي الذي یبلغ حوالي (22 (ملیار دولار ھو دین للبنوك الأردنیة، والتي تقرض الحكومة من الودائع لدیھا. والباقي ھو دین خارجي تدفع فوائده وحصیلة خدمتھ للمقترضین الأجانب. وقد ظھرت مؤخراً إحصاءات تقول أن مجموع الدیون الأردنیة الوطنیة تبلغ حوالي (89 (ملیار ّ دولار أمیركي. وبالطبع ھنا یجب أن نفرق بین الدین العام (الدین السیادي المستحق على الحكومة) وبین الدین الوطني والذي یضم بالإضافة إلى الحكومة دیون المواطنین والشركات المستحقة للبنوك والمؤسسات المالیة. ویجوز لنا ان نضیف علیھا صافي الدیون الحكومیة للأردنیین (صافي الذمم الدائنة والمدینة)، وكذلك دیون الافراد والشركات الصافیة حیال أفراد وشركات أخریات، وھذه قد تبلغ حوالي (37 (ملیار دولار. وفي ذلك تبلغ قیمة الدیون الوطنیة . حوالي (79 (ملیار دولار ولیس (89 (ملیاراً ولكن تجمیع كل ھذه الأرقام مع بعضھا البعض یعطي صورة مضخمة عن الوضع. وكأن ھذا الحال لا ینطبق على كل دول العالم. ففي أي لحظة من اللحظات تبلغ دیون القطاع الخاص حیال البنوك والحكومة مبالغ كبیرة. وعلى العكس، فإن الشكوى من أن توسع الحكومة في الاقتراض
من البنوك قد زاحم القطاع الخاص على ھذه القروض، وساھم في رفع كلفة الدیون الممنوحة للقطاع الخاص. ومن ھنا، فإن الدین العام أو الدین الخارجي یشكل تحدیاً، ولكنھ لیس خطیراً كما یود المروجون للفكرة طرحھ والادعاء بھ. ثم قام البعض بنشر معلومات عن أن معدل دخل الفرد الأردني مقاساً بمفھوم معادلة القوة الشرائیة ھو أقل من ألفي دولار. وھذا خطأ فادح، لأنھ حسب إحصاءات البنك الدولي فإن ھذا الرقم یصل إلى (400ر9 (دولاراً مقاساً بالقوة الشرائیة. وھو یساوي (4200 (دولاراً في العام بالأسعار الجاریة، مما یجعل ترتیب الاردن في ھذا السیاق رقم (107 (من بین دول العالم. ورغم كل ما یقال عن سوء توزیع الدخل في الأردن، فإن معامل ”جیني“ لتوزیع الدخل حسب الاحصاءات التي یتبناھا الكونغرس الأمیركي ھو (35.0 .(وبمعنى آخر فإن توزیع الدخل في الأردن قد ساء قلیلاً عما كان علیھ العام (2010 ، (حیث بلغ (33.0 (في ذلك العام ِ ومعامل جیني ھو م َن و ْضع عالم اجتماع إیطالي اسمھ (كواردو جیني) العام (1912 .(وإذا بلغت قیمة المعامل صفراً، وھو الحال المثلى، فھذا یعني أن كل مواطن في الأردن مثلاً یحصل ٍ على دخل مساو لكل مواطن آخر، أي كأننا جمعنا كل الدخل وقسمناه بالتساوي على كل المواطنین صغیرھم وكبیرھم، العامل منھم والعاطل عن العمل، الذكر منھم أو الأنثى. اما إذا َ وصل معامل جیني الى قیمتھ العظمى وھي (واحد صحیح)، فإن ھذا یعني أن مواطناً واحداً محظوظاً قد حصل على كل الدخل، والباقون لا یملكون شیئاً، وھو أسوأ توزیع للدخل. وبمعنى آخر، كلما قلّت قیمة المعامل ”جیني“ عكست توزیع دخل أفضل. وحیث أن ھذا المعامل یقل في الأردن عن (4.0 .(فھذا یعني أن توزیع الدخل لا بأس بھ أبداً ولكن یجب الحذر من انحداره. ّ تبن سیاسات الوضع الاقتصادي في الاردن یستوجب الحذر، فالخوف ھو من تفاقم الأزمة ما لم تُ تنمویة صحیحة حتى تحل مشكلة البطالة والفقر، وتعزز إنتاجیة المجتمع.
الغد - الثالاثاء 2-4-2019