أخطر ما قاله ترامب حتى الآن
كشف الرئيس الامريكي دونالد ترامب في خطاب له قبل ايام قليلة امام منظمات وحركات صهيونية ويهودية في الولايات المتحدة وعلى رأسها «الايباك» التي اوصلته الى البيت الابيض، الغطاء عن المشروع والمخطط الصهيوني الامريكي بخصوص القضية الفلسطينية، عندما قال امام ذلك الحشد الضخم من اليهود الاميركيين، ان افضل مكان لاقامة دولة فلسطينية هو في صحراء سيناء وعلى نصف مساحتها، اي على ثلاثين الف كيلومتر مربع منها تستطيع ان تستوعب حوالي خمسة وعشرين مليون نسمة اي ضعف عدد الفلسطينيين تقريبا، وتوفير ثمانمائة مليار دولار لانشاء هذه الدولة سوف تدفعها الدول العربية، وان الولايات المتحدة لن تدفع دولارا واحدا في عملية بناء تلك الدولة العتيدة، هذه هي خلاصة صفقة القرن وجوهرها والنتيجة النهائية للمخطط الخبيث الذي يحيكه ترامب بالتعاون مع نتنياهو، وهذه هي النوايا الحقيقية لهما تجاه الشعب الفلسطيني والاراضي المحتلة، ويرى ترامب في تنفيذ مشروعه التصفوي .. فلسطين هي اسرائيل، ودولة فلسطينية في صحراء سيناء، يعتبر الحل الامثل لانهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على حد زعمه.
الامر الذي لا يقل خطورة عن هذه التصريحات، الصمت العربي المطبق، حيث لم نسمع رفضا مباشرا وصريحا، لمثل هذه المخططات والمشاريع، ولا نفيا قاطعا لطرحها ومناقشتها مع بعض الدول العربية وغزة بالتحديد، التي لم يصدر عنها حتى الان موقفا واضحا ومعلنا من الحديث الذي يدور منذ عدة اشهر عن مشاريع ومخططات تحاك وتعد لاقامة دولة فلسطينية في القطاع، تمتد مساحتها الى عمق الاراضي المصرية عبر صحراء سيناء يمكن ان تستوعب اكثر من عشرين مليون نسمة في المستقبل.
في هذا المخطط الاجرامي محاولة التفاف على الحقوق الفلسطينية والعربية والاسلامية في فلسطين المحتلة بما فيها القدس والحرم القدسي الشريف وجميع المقدسات فيها الاسلامية والمسيحية، وهذا يتساوق بالتزامن مع محاولات التطبيع بين الكيان المحتل والدول العربية، والضغوطات والجهود التي تبذل امريكيًا واسرائيليًا والتي تصب في هذا الاتجاه، الى جانب الاغراءات الاقتصادية والمالية التي تعرض على بعض الدول الاخرى وكأن القضية والارض والحقوق في مزاد علني، هكذا يفهمها ترامب حسب مهنته ..فهو تاجر شاطر بلا شك.
ترديد وتأكيد الموقف العربي على اقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني وعلى حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، يجب ان يتبعه ويلازمه ..ورفض اي مكان بديلا عن فلسطين لاقامتها مهما بلغت التضحيات.
مشروع اقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة وزيادة مساحتها من خلال اقتطاع مساحة اضافية اليها من صحراء سيناء، ومبادلتها بأراض من صحراء النقب الفلسطينية، مطروح منذ تولي الاخوان المسلمين الحكم في مصر برئاسة محمد مرسي، واعيد الان الحديث به من جديد مع التبشير بصفقة القرن الترامبية.
الموقف العربي الجماعي الرافض لهذه الطروحات والمشاريع والمخططات الكفيل الوحيد بافشالها، ومن هنا تأتي اهمية التركيز على تحذير جلالة الملك عبدالله الثاني من ان تفرد كل دولة عربية بالتعامل مع قضايا الامة العربية بمعزل عن شقيقاتها الدول الاخرى سوف يكون له انعكاسات سلبية على الجميع اهمها اضعاف الموقف العربي المشترك، واجهاض العمل العربي المشترك.
الدستور - الخميس 4-3-2019