معركة الانتخابات..!!

تم نشره الجمعة 05 نيسان / أبريل 2019 12:43 صباحاً
معركة الانتخابات..!!
د. رحيل محمد غرايبة

تأخذ الانتخابات لدينا أبعاداً كثيرة غير حميدة تمس أمن المجتمعات بعيداً عن جوهرها ومقاصدها الحقيقية، بحيث تؤدي أحياناً إلى شروخات اجتماعية واسعة وتمس الوحدة الوطنية لمجتمعاتنا، وتؤدي إلى جملة من الآثار العميقة التي تحتاج إلى سنوات طويلة لمعالجتها، وفي كثير من الأحيان يصعب معالجتها ولا تلتئم جراحاتها، ويعود ذلك إلى جملة من الأسباب والعوامل التي تتعلق بثقافة سائدة حول هذه القضايا، وهناك أسباب تعود إلى قضايا أيدولوجية غير صحيحة.
لقد سمعت أحد المعلقين على نتائج الانتخابات البلدية في تركيا يقول : ( غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين .. )، تعقيباً على خسارة حزب العدالة والتنمية في بلدتي أنقرة واسطنبول الذي استفرد بإدارتها ردحاً طويلاً من الزمن، مما جعل النتائج تأخذ أبعاداً واسعة في التقويم لدى الاتجاهات السياسية والفكرية في العالم العربي والإسلامي وليس في تركيا لوحدها.
وهنا لابد من الإشارة إلى جملة من التوضيحات نحو آفاق الديمقراطية بطريقة آمنة بعيداً عن الآثار غير المحمودة في مسألة التعامل مع نتائج صناديق الاقتراع .
الإشارة الأولى : أن الانتخابات في جوهر فكرها تمثل وسيلة للتعبير عن الإرادة الشعبية في اختيار صاحب المسؤولية، استناداً إلى أن الشعب مصدر السلطة، وهو الذي يمنح الشرعية لصاحب المسؤولية في إدارة الشأن العام، والاختيار يتم بين أفراد الشعب الواحد الذي يمثل ركن الدولة، وجميع الأفراد أمام ممارسة هذا الحق سواء، ولذلك فإن كل المرشحين ينتسبون إلى شعب واحد ودولة واحدة، ولهم دستور واحد وقانون واحد، ويجمعهم الانتماء للوطن والمستقبل والمصير، فالانتخابات ليست معركة بين فريقين متحاربين ، وإنما أداة للفصل بين المتنافسين بطريقة سلمية ديمقراطية أخوية، وعلى جميع الأطراف تقبل النتيجة بصدر رحب.
الإشارة الثانية : الانتخابات ليست أداة لابعاد طرف واقصائه وتهميشه وتحجيمه وتأديبه وانهائه من الحياة السياسية من طرف آخر، بل الأصل في الانتخابات أنها وسيلة للتعاون والمشاركة في تحمل المسؤولية، والمشاركة في خدمة المواطنين وحماية مقدراتهم وحفظ حقوقهم وصيانة حرياتهم جميعاً لأن السلطة ليست مكرسة لخدمة فئة على حساب فئة .
الإشارة الثالثة : الانتخابات ليست فيصلاً بين الكفر والإيمان ولا بين الأمناء والأوفياء من جهة والخونة والعملاء من الجهة الأخرى، وليست مفاضلة بين الأديان والمذاهب والاتجاهات الأيدولوجية والفكرية والعرقية والجهوية والطائفية، وإنما الانتخابات تعد مفاضلة بين البرامج، ومفاضلة بين أصحاب الكفاءة والقدرة والقوة على تحمل المسؤولية والقيام بواجب الخدمة العامة .
الإشارة الرابعة : ينبغي إعادة النظر في كيفية التعامل مع الشأن الانتخابي عندنا في كل المجالات البرلمانية والبلدية والنقابية، بحيث لايجوز استخدام الدين أو المذهب أو الانتماء العرقي أو الجهوي في عملية الاختيار، وبمعنى آخر لا يجوز استخدام إثارة العواطف الدينية وكل أشكال التعصب في تجميع الأصوات وحشد الناخبين واشعارهم بالألم أحياناً أو الخيانة أحياناً أخرى اذا انتخب من خارج قائمتهم ، بل يجب اعتماد معايير الكفاءة والقوة فقط في الاختيار، ويتوجب على ذلك التعامل مع النتائج بالرّوح نفسها، وضرورة الخضوع لقاعدة الانتماء للدولة الواحدة والشعب الواحد بعيداً عن أشكال إثارة النعرات التفريقية بكل أشكالها والوانها وأسبابها والابقاء على جذوة التنافس مشتعلة بين البرامج، وضرورة التمايز والمفاضلة القائمة على تقديم الخدمة الأفضل من قبل الأشخاص والأفكار .

الدستور - الخميس 4-3-2019



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات