رحل ابو تفليقة وبقيت الجزائر
ما يجري في الجزائر مدعاة للانتباه، فرغم انتكاسة الربيع العربي، الا ان بلد المليون شهيد تأبى الا ان تعيد انتاج الحراك الشعبي بابهى صوره وارقاها.
حراك شعبي سلمي، عنيد، واقعي، الى الان اظهر وعيا وردعا لكل المراوغات التي ابداها النظام السياسي الجزائري، ولا زلنا ننتظر تطور الاحداث وانعطافاتها.
الرئيس عبد العزيز بو تفليقة، قدم استقالته مرغما، لكن الجدل بين حلقات النظام لا زال على اشده، فالجيش ومؤسسة الرئاسة يتراشقان دون حسم واضح حتى الان.
اطراف اللعبة، ستنحصر بتقديري قريبا بثلاث لاعبين، الجيش والحراك والمعارضة، اما الدولة العميقة «رجالات بوتفليقة» فلا اعتقد انهم سيحظون بفرصة التشويش بعد الان.
الاعين تراقب وتتوجه نحو الجيش، كم سيترك الارادة الشعبية لتعبر عن نفسها، كيف سيتصرف، وهل سيعود لقواعده وثكناته ام انه سيناور ليكون جزء من الحكم، اسئلة برسم الاجابة التي ستتكفل بها قادم الايام والشهور.
هناك مخاوف من تكرار السيناريو المصري، لكني استبعد ان يعاد تكرار ذلك المشهد البائس الذي عاشته الثورة المصرية، فهناك فوارق كبيرة بين التجربتين من ناحية الوعي وطبيعة المؤسسة العسكرية ونوعية الحراك وقواه.
حتى الان، موقف الخارج، غير واضح، فالموقف الفرنسي ملتبس، واظنها ستعترف بالامر الواقع في النهاية، اما الدول العربية التي اعتادت مواجهة «الارادة الشعبية» فاعتقادي انها مرهقة بما يكفي لتسلم الجزائر من كيدها.
انا متفاءل، ستعبر الجزائر من تحت ركام التعقيدات لتنجز الوعد الديمقراطي، والسبب، انه لا يوجد متحمس في داخل تلك البلاد للفوضى، فالسنوات الصعبة في عقد التسعينات كافية لتردع كل شوفيني يرغب بالدمار.
في بلد المليون شهيد بارقة امل، وتخيلوا معي، جزائر ديمقراطية، ومعها تونس، واللى جانبها المغرب الصاعدة نحو الملكية الدستورية.
هذا المثلث سيؤثر على ليبيا قطعا، وقد تنظم السودان له رغم انفها، وعندها لن تقوى مصر الاستمرار على الاستبداد، وبعد ذلك قد تتبدل المنطقة استجابة لموجة الربيع العربي الثانية التي انطلقت من الجزائر.
مرة اخرى، الامور ليست بهذه البساطة، او التسطيح، لكنها واعدة، وتؤكد ان الشعوب العربية لن تصمد كثيرا امام ركام الثالوث المهين ( استبداد وفشل تنموي وغياب الكرامة )، من هنا انا ابوح بتفائلي.
السبيل - الخميس 4-4-2019