الأردن كلمة يجب أن تقال

تم نشره السبت 06 نيسان / أبريل 2019 12:30 صباحاً
الأردن كلمة يجب أن تقال
زكي بني ارشيد

حتى هذه اللحظة يتميز الموقف الرسمي الأردني باقترابه من الموقف الشعبي، وهو موقف متقدم على مواقف معظم الأنظمة العربية الأخرى، والمتمثل بأن الأردن قادر على مواجهة الضغوط الخارجية، وعدم الاستجابة للمطالب الإسرائيلية المتعلقة بالقدس، واستحقاقات ما يُسمى بصفقة القرن ويتعلق بالفصل الأخير من محاولات تصفية القضية الفلسطينية، والملفات ذات العلاقة (القدس، الدولة الفلسطينية، اللاجئين، الحدود) وتأثير نتائج هذا المشروع على الدولة الأردنية ومستقبلها.
(القدس خط أحمر، والشعب الأردني مع القيادة، ومجلس النواب الأردني طالب بإلغاء اتفاقية الغاز المستورد من «إسرائيل»، ومصطلح العدو الصهيوني عاد للتداول في وسائل الإعلام الأردني، والفعاليات الشعبية الداعمة للموقف الرسمي
في نفس الاتجاه)، إلى ذلك فإن ما جرى في المستشفى الميداني الأردني في غزة يوم أمس، من زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الاستاذ إسماعيل هنية، وتبادل الهدايا والكلمات جاءت تلك الزيارة، في وقتها المناسب، وتحمل دلالة واضحة ورسائل متنوعة، تعزز القناعة بأن ثمة جديدا في الموقف الأردني لا بد ان يُقرأ بعناية واهتمام، ليس مع الأهل في غزة فقط وإنما إلى ما هو أبعد من ذلك.
فهل يكفي هذا الأداء لتعزيز الموقف وتطويره ليكون قادرا على مقابلة التحديات؟ ولا سيما أن الموقف الأردني الذي جاء متزامنا مع الانتخابات الإسرائيلية المبكرة ومغايرا لبرنامج اليمين الأميركي المتصهين ولتوجهات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي نقل السفارة إلى القدس، واعترف بضم الجولان إلى الكيان الصهيوني المتطرف، هذه المقاربة الأردنية يقابلها حملة تحريض إعلامية مضادة ومكثفة من قبل الإعلام العبري؛ ما يعني أن هذا الخطاب الجديد سيرتب على الأردن إعداداً خاصاً، يصل إلى ضرورة إعادة تأهيل الدولة الأردنية، لمواجهة ما ينتظرها من مخاطر، وأزمات داخلية وتهديدات خارجية.
بعد مائة عام على نشوء الدولة الأردنية، وفي مرحلة الفك والتركيب وإعادة التشكيل للمنطقة والإقليم، وبعد أن تضع الانتخابات الإسرائيلية أوزارها، وبخاصة إذا فاز نتنياهو وأعاد تشكيل حكومة اليمين المتطرف، فإن البريد الجيوسياسي سيكون حافلاً بالرسائل والاثقال؛ ما يعني ضرورة الاستعداد لمواجهة تلك المرحلة باحتراف واقتدار، بعد أن أصبح الواجب الوطني يفرض القول بأن الممر الوحيد للصمود والبقاء في مقابلة خطر المشروع الصهيوني، يكمن في توظيف جميع أوراق القوة التي يملكها صناع القرار في الدولة الأردنية،
ماذا يملك الآخرون؟
وما الذي يملكه الأردن؟
الأصل أن نفترض حصول أسوأ ما لدى الأعداء والخصوم، وعدم التفصيل في ذلك مقصود، لكن لا يستهان به، أما نحن فنملك الكثير ابتداءً من امتلاك الإرادة وبناء الإجماع الوطني على الجوامع المشتركة، والمباشرة بإصلاح سياسي جاد من شأنه أن يجعل الشعب وممثليه الحقيقيين وقواه السياسية شريكاً في صنع القرار وتحمل المسؤولية،
وبالتوازي أيضاً فإن إعادة التموضع الأردني في علاقاته الخارجية وتحالفاته الدولية، يمنح الأردن القدرة على العبور من خلال الثقوب المتزايدة في منظومة العلاقات الإقليمية والدولية، فضلا عما تُحققه هندسة إعادة بناء تلك العلاقات من مصالح اقتصادية وسياسية معتبرة للدولة والشعب.
مستويات المواجهة والإعداد تستوجب التذكير بأن الأوراق التي يمتلكها الأردن لا تتوافر لأي دولة أخرى، ومنها تعزيز دور القوات المسلحة الأردنية، وهي موضع الاحترام وعنوان الإجماع الوطني، وإعادة الاعتبار للعقيدة القتالية، والثقافة الوطنية، وإعادة التسليح والتوزيع، لحماية الأردن من خطر العدو الصهيوني الذي نجح في إختراق بعض الجدر الرسمية وبناء تحالفات مضللة لحرف البوصلة نحو نظرية العدو البديل، الأردن قادر على التمييز والتفريق بين العدو والصديق، والمنافس والخصم، ومن أجل تقديم مصداقية للخطاب وموثوقية للموقف، ينبغي محاصرة النفوذ الإسرائيلي، والتضييق على منافذه ومسارات حركته، وعدم السماح أو التساهل فيما يُعرف بالتطبيع أو التخابر مع العدو.
الجعبة الأردنية فيها الكثير، ومن أهم ذلك رد الاعتبار لقوى المقاومة الفلسطينية، وإذا كانت الظروف الراهنة لا تسمح بإجراءات دبلوماسية إزاء السفارة الإسرائيلية فلا أقل من إعادة فتح مكاتب لحركات المقاومة الفلسطينية التي تشكل رأس الحربة ضد الغطرسة الصهيونية، ولجم الغرور الذي طال القدس والمقدسات وتجاوز فلسطين مرورا بضم الجولان والحبل على الغارب.
التاريخ لا يرحم الضعفاء، والأجيال لن تغفر للمستكين، والضعف بكل الأحوال جريمة وليس عذراً، وإنما العاجز من يرحم عدوه ويقسو على صديقه، وللحديث بقية.

السبيل - الخميس 4-4-2019



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات