مفاجآت الانتخابات الإسرائيلية وما بعدها
تمضي الانتخابات التشریعیة الإسرائیلیة إلى یومھا الاخیر الثلاثاء القادم ، بعد شوط طویل من المنافسة الضاریة بین مرشحي الیمین المتشدد بنیامین نتنیاھو وتیار الوسط بیني غانتس ، آخر استطلاعات الرأي المسموح بنشر نتائجھا یوم الجمعة الماضي تشیر الى احتمالات تقدم غانتس بین 28-32 مقعدا مقابل 26 – 27 مقعدا لحزب اللیكود بقیادة نتنیاھو ، ومع ھذا تذھب السیناریوھات الى انھ مع ھذه النتیجة فإن نتنیاھو الاوفر حظا لقیادة وتشكیل الحكومة الجدیدة ، نظرا لعدم قدرة تیار الوسط على تشكیل تحالف یضم اكثر من 61 مقعدا علاوة على ان القوة السیاسیة التي تعكسھا حصة كل حزب او تیار یتوقع ان تكون اكثر تشتتا . وھذا السیناریو غیر حتمي ویمكن ان تحمل ھذه الانتخابات مفاجآت أخرى . ذھب رئیس الحكومة الاسرائیلي الى حل الكنیست واجراء انتخابات تشریعیة مبكرة على خلفیة اسباب عدة معظمھا داخلیة ولیست خارجیة كما یشاع، أبرزھا الاستقالات التي لحقت بحكومتھ والمتمثلة في استقالة وزیر الدفاع الإسرائیلي أفیغادور لیبرمان في نوفمبر 2018 والتي اضعفت تحالف اللیكود ، كما ھو الامر في فشل الحكومة في تمریر بعض القوانین من الكنیست وصولا الى قضایا الفساد التي تلاحق نتنیاھو نفسھ ؛ ملف الفساد مربك جدا لقیادة اللیكود فقد اعلن النائب العام الاسرائیلي قبل شھر من الانتخابات عن ملف جدید سیكون موضع تدقیق ، وقبل اسبوع من الانتخابات اعلن باحثون اسرائیلیون ان اللیكود متورط باستخدام حسابات زائفة على الإعلام الاجتماعي في الحملة الانتخابیة .
خلال الاشھر الثلاثة الماضیة شھدت الحیاة السیاسیة الاسرائیلیة حراكا واسعا جاء على شكل تفكك بعض الاحزاب وتفسخھا وخلافات حادة داخل احزاب وتكتلات تقلیدیة واخرى جدیدة، ما جعل الوجھ السیاسي للنخب المتصارعة والمتنافسة غیر واضح المعالم ، وبالتالي فھذه الانتخابات تجري بلا ایدیولوجیا وتكاد تكون ایضا بلا برامج سیاسیة ، فحزب اللیكود یخوض الانتخابات ھذه المرة بدون برنامج سیاسي ، وقائمة غانتس ببرنامج من بند واحد ھو اسقاطبنیامین نتنیاھو . بقیت السیناریوھات الاسرائیلیة تدور حول سیناریو اللیكود واحتمالات بناء تحالف للاحزاب الیمینیة والدینیة مثل ”الیمین الجدید“ واتحاد أحزاب الیمین المتطرف ، والسیناریو الثاني یدور حول تحالف آخر لأحزاب الوسط، ووسط الیمین یستفید من الانقسامات التي شھدتھا الاحزاب والتیارات السیاسیة في الفترة الأخیرة .
السیناریو الاكثر أھمیة ، وربما یكون مفاجأة الانتخابات الاسرائیلیة یتمثل في الوصول الى صیغة ما یسمى ( حكومة الوحدة الوطنیة ) اي بناء تحالف توافقي من الاحزاب الكبرى ، ھذا السیناریو ازداد الحدیث حولھ مؤخرا ویرتبط باحتمالات طرح تسویة نھائیة للصراع العربي – الاسرائیلي وفق ما یسمى صفقة القرن التي یتبناھا الرئیس الامیركي دونالد ترامب وحسب محللین اسرائیلیین فإن عشرات مراكز البحث ومجموعات التفكیر قد اتفقت منذ سنوات طویلة على ان تمریر اي اتفاق تاریخي مع الفلسطینیین لن یتم الا من خلال حكومة ( وحدة وطنیة ) ومن المتوقع وفق ھذا السیناریو أن تذھب الحكومة الامیركیة إلى إطلاق ھذه الصفقة قبیل نھایة العام تكون الحكومة الاسرائیلیة قد اشتد عودھا وبنت أذرعھا السیاسیة، في ھذا الوقت یبدو الجانب الآخر من الصفقة التي یریدھا ترامب قد حان بالفعل ، حیث ستكون الانتخابات الامیركیة للولایة الثانیة على الأبواب ، وسیكون ترامب بحاجة ماسة الى انجاز تاریخي على صعید السیاسة الدولیة لكي یضمن انتخابھ للمرة الثانیة . المسألة تكمن كیف تمارس الدول والنخب السیاسة .
الغد - الأحد 7-4-2019