سيناريوهات الحكومة الإسرائيلية المقبلة
النتائج الأولیة للانتخابات الإسرائیلیة تشیر إلى حصول نتنیاھو وبني غانتس، رئیس حزب أبیض أزرق على (35 (مقعداً لكل منھما. لكن نتنیاھو مدعوم من الأحزاب الیمینة والمتطرفة سیاسیا ودینیا، والتي یمكن أن توفر لھ أغلبیة مریحة من (65 (مقعداً لتشكیل الحكومة. أما بالنسبة لـ غانتس، وبالرغم من حصول حزبھ على عدد المقاعد نفسھا التي حصل علیھا نتنیاھو (35 (مقعداً، إلا أنھ لا یمتلك تحالفاً ّ یمكنھ من تشكیل الحكومة. وعلیھ، فمن المرجح أن یتم تكلیف نتنیاھو بذلك. قبل مناقشة السیناریوھات المحتملة للحكومة المقبلة، من المھم الإشارة الى ّ أن الیمین، بما فیھ یمین الوسط، یھیمن على السیاسة الإسرائیلیة ، وھذا تحول كبیر وخطر ّ . ھذا التحول لھ یتزامن مع التلاشي التدریجي للیسار الإسرائیلي ، وتراجع التحالف العربي أیضاً انعكاسات مھمة على السیاسة الإسرائیلیة، ولكن الأھم، تأثیره في القضیة الفلسطینیة، والعلاقة مع الدول العربیة. بعكس الانتخابات السابقة وقبلھا ، لم تكن القضیة الفلسطینیة أحد الموضوعات الانتخابیة في الحملة التي سبقت الانتخابات. تحالف نتنیاھو أسقط احتمالیة قبول دولة فلسطینیة ، والحدیث الآن عن ضم أجزاء من الضفة الغربیة. ھناك احتمالان رئیسان لتشكیل الحكومة الإسرائیلیة المقبلة : الاحتمال الأول ، ھو تشكیل حكومة بقیادة بنیامین نتنیاھو من الأحزاب الیمینیة المتطرفة والدینیة ، التي یمكن أن تؤمن لھ أغلبیة برلمانیة مریحة أكثر من (65 (مقعداً. وبالرغم من أن ھذه الأحزاب الیمینیة لھا برامجھا الانتخابیة ، التي تختلف عن حزب اللیكود ، إلا أنھا جمیعاً دعمت في حملتھا الانتخابیة نتنیاھو كرئیس مقبل للوزراء الإسرائیلي . في حال الذھاب لھذا الخیار ، فسیواجھ نتنیاھو حالة ابتزاز من ھذه الأحزاب الصغیرة ، سواء فیما یتعلق بالقضایا الداخلیة ، أو فیما یتعلق بالقضیة الفلسطینیة ، إذ من المتوقع أن تطلب منھ موقفاً أكثر تشدداً بالنسبة للقضیة الفلسطینیة ، كضم الضفة الغربیة أو أجزاء منھا. ھذا لا یمثل مشكلة أیدیولوجیة لنتنیاھو ، ولكنھا قد تمثل لھ مشكلة سیاسیة ، وبخاصة مع حلیفھ دونالد ترامب وخطتھ المنتظرة
التي قد تتطلب بعض التنازلات للفلسطینیین ( من وجھة نظره) في محاولة لإقناع الفلسطینیین بقبولھا ، وھذا ما ترفضھ ھذه الأحزاب، ما قد یشكل لھ عقبة في الموزانة بین متطلبات الأحزاب الدینیة الداخلیة ، وعلاقتھ الممیزة مع ترامب. أما المشكلة الثانیة ، فترتبط باحتمال توجیھ اتھامات بالفساد ، لا بل إدانتھ ، التي ستشكل تحدیاً لتحالفھ ، الذي یمكن أن ینھار إذا ما حصل ذلك ، ویخسر الیمین موقفھ السیاسي. أما الاحتمال الثاني: فھو تشكیل حكومة ائتلاف مع حزب أبیض أزرق بقیادة غانتس وبعض الأحزاب الیمینیة غیر المتطرفة ، الذي یتطلب موافقة غانتس على ذلك، والتفاوض معھ ، واضطراره الى التنازل عن بعض مواقفھ. ھذا الاحتمال ، وبالرغم من أنھ الأضعف ، إذا حصل ، فقد یمكنھ من الانفلات من ابتزاز الأحزاب المتطرفة، ویقربھ من الوسط فیما یتعلق بالقضیة الفلسطینیة، وبالتعامل مع خطة ترامب بتمثیل سیاسي أكبر یمكنھ من التراجع عن بعض مواقفھ ، والاستجابة لخطة ترامب. ھذا السیناریو یتطلب موافقة مبدئیة من غانتس ، وتوافق بین الطرفین على التفاصیل كافة ، وھذا لن یكون سھلاً أو مضموناً. لكن ھذا الخیار قد یوفر لھ غطاء یمكنھ من الانفلات من اتھامات الفساد وغیره. ّ بصرف النظر عن شكل الحكومة المقبلة في إسرائیل، فإنھ من المؤكد تحول الدولة و المجتمع الاسرایئلي نحو الیمین والیمین المتطرف ، الذي ستكون لھ تداعیات خطرة على علاقة اسرائیل ، لیس بالقضیة الفلسطینیة فقط ، وإنما أیضاً بالعلاقة مع العرب ، ما یتطلب مقاربة جدیدة عربیاً وأردنیاً في التعامل مع المخاطرة المحتملة لذلك.
الغد -الجمعة 12-4-2019