اعتذروا لدائرة الإحصاءات العامة
لم تأت نتائج الانتخابات الإسرائيلية على عكس بعض التوقعات المحدودة، والتي اشارت الى تفوق حزب الليكود بزعامة «نتنياهو» المحاط بملفات الفساد، لكنها عبرت عن خارطة سياسية متشظية، على الرغم من انها عززت من مكانة «نتنياهو» وأكّدت تفوّق معسكر اليمين في المشهد السياسي.
إذ تفارب حزب الليكود مع حزب « ازرق - ابيض» حيث حصل كل واحد منهما على 36 مقعداً ومن الممكن ان يتقدم الليكود قليلا، لكن في ضوء ذلك فإن كتلة اليمين قد حازت الاكثر، بفارق 10 مقاعد عن اليسار، وبالتالي فإن هذه النتيجة تمكن نتنياهو من تشكيل الائتلاف الحكومي الخامس.
اذاً فإن جزءا من هذه النتائج لا يحمل الجديد بل يعزز التحولات الحاصلة في المجتمع الإسرائيلي منذ سنوات عديدة.
وتشير النتائج ايضاً إلى ارتفاع مستوى التوجهات القائمة في المجتمع الاسرائيلي نحو اليمين المتطرف، هذا الارتفاع جاء بالأساس في اعقاب الانجازات التي حققها نتنياهو في بعض القضايا لاسيما على مستوى القدس والجولان، او على مستوى التوغل الدبلوماسي الاسرائيلي في العواصم العربية.
إلا أن التحول الاهم داخل معسكر اليمين، وتنقل المصوتين داخل المعسكر نفسه، هذا يعني بأن ناخبي معسكر اليمين لم يخرجوا خارج الدائرة الأم وإنما كان التحول في تقييمهم للقيادات اليمينية وأدائها.
من جهة أخرى، جاءت النتائج بمثابة الصاعقة على الاحزاب العربية، التي لم تستطع حشد الجمهور العربي ذاته، الذي حاسب تلك الاحزاب المتنافرة على سياستها الباهتة في ظل العنجهية اليمينية المتطرفة.
لكن هذه الأحزاب كلها لم تقدم بديلاً سياسيًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لذلك عمدت الاحزاب عدا «ميرتس» الى تجنب عدم طرح يخرق حدود الإجماع الإسرائيلي الذي سوف يؤدي بالضرورة لخسارتها أصواتًا.
يمكن القول انه وعلى الرغم من تصدر غزة الدعاية الانتخابية وكون المسألة الامنية المحور الأساسي في الانتخابات الإسرائيلية، إلا انها لم تحسم النتائج لصالح جنرلات الامن في «ازرق -ابيض».
كان من الواضح في هذه الانتخابات مستوى شخصنة الحملات الانتخابية، إذ شاهدنا كيف ركزت الأحزاب المتنافسة على شخصية نتنياهو وتصرفاته وإدارته للحكومة، وفساده من جهة، وعلى شخصيات المرشحين المتنافسين واختلافها عن نتنياهو من جهة أخرى، بل إن غالبية الحملات الانتخابية عرضت رؤساء القوائم وتجاهلت بقية المرشحين، وهذا ما اعاق تقدم حزب «ازرق -ابيض» لا سيما طرح يائير لبيد لرئاسة الحكومة بعد غانتس.
الخلاصة.. يمكن القول إن الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة لم تحمل اي جديد في المشهد السياسي والحزبي ولا في القناعات السياسية لدى المجتمع الإسرائيلي، لكنها عززت نتنياهو وشكلت له درعا مؤقتاً في مواجهة قضايا فساده التي تطارده. بالاضافة الى انها ارست سيطرة اليمين على الكنيست والسياسة في «اسرائيل».
سيحاول نتنياهو تشكيل حكومة متوافقة سياسيًا اكثر من سابقتها متجاوزاً في ذلك بعض الشخصيات والعقبات، ويمنح بعض الاحزاب الصغيرة حقائب وزارية كبيرة، هذه الحكومة التي ستقدم اعلان ضم الضفة الغربية وتوسيع في مشاريع الاستيطان هدية لناخبها، وتمعن بمزيد من العنصرية تجاه المواطن الفلسطيني في الداخل، لذلك يجب على الاحزاب العربية أن تعمل على طرح مشروع عمل جماعي يكون درعاً حامياً للفلسطينيين في الداخل.
(O) مدير مركز القدس للأبحاث ودراسات الشأن الإسرائيلي
السبيل - السبت 13-4-2019