الاستقرار المطلوب للمزارعين
تراجع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي دون نسبة 3 % امر غير منطقي بينما كان يشكل نسبة مهمة في حياة الاردنيين ومعيشتهم سابقا، فكان الاردنيون يأكلون مما يزرعون في معظم احتياجاتهم الغذائية، والسبب في ذلك تراجع الاهتمام العام بالزراعة التي تُركت سنوات مكشوفة الظهر للقروض والفوائد المتراكمة والقضايا المتلاحقة، وشبه إغراق الاسواق المحلية بمستوردات زراعية، الى جانب ضعف هياكل التصدير ونقص الزراعة المرتبطة بعقود التصدير، وإرتفاع تكاليف الانتاج الزراعي.
اهم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي ضعف الاستقرار المالي والتسويقي وغياب الدعم للقطاع علما بأن دول كثيرة تدعم الزراعة وتمكن المزارعين من مواصلة العمل بمعزل عن مطبات كبيرة منها موجات الصقيع والحر التي تهدد استقرار المزارعين، لذلك لابد من إطلاق صندوق لتعويض المزارعين لتلافي إلحاق خسائر فادحة بالمزارعين ومكونات الصندوق تستند الى دعم حكومي واشتراكات يدفعها المزارعون لحمايتهم من تقلبات الطقس التي لطالما ارهقت معظمهم ورتبت عليهم التزامات كبيرة لا طاقة لهم بها، والدليل على ذلك تعرض اكثر من 18 الف مزارع للملاحقة القضائية.
وزارة الزراعة تتحدث كثيرا وتفعل القليل لمساعدة المزارعين والسبب في ذلك نقص رصد مبالغ مؤثرة للبرنامج الراسمالي للزراعة ضمن الموازنة، حيث تذهب غالبيتها الى الرواتب والاجور بشكل خاص، اما الشق الراسمالي في موازنة وزارة الزراعة يجب ان يشكل قسما مهما يرتفع سنويا للارتقاء بالقطاع الزراعي.
رصد مبالغ سنوية مهمة للبرنامج الراسمالي للقطاع الزراعي سيؤدي الى نهوض حقيقي للقطاع واستعادة دور الزراعة في الاقتصاد الاردني، ورسم خطط لتشجيع الاردنيين للعمل في الزراعة وتوفير متطلبات ذلك من التأمين الصحي والضمان الاجتماعي ومزايا اخرى، اما ترك القطاع بدون مساندته سيبقى أسير التقلبات تارة يربح وتارة اخرى يخسر وربما تكون الخسارة الاخيرة التي تخرجه من السوق.
هناك مقولة يرددها البعض ان الزراعة لا تربح ..( مش جايبه همها )، هذا يعني ان الاستثمار في الزراعة ترتقي حد المغامرة، علما بأن الانتاج الزراعي من خضراوات وفواكه والثروة الحيوانية هي ميزة نسبية للاقتصاد الاردني ولطالما اعتمد عليها الاردنيون، فالمنتجات الاردنية مرغوبة في اسواق التصدير اهمها الخليجية من حيث الذوق والطعم واعتدال الاسعار، وهذه السمعة الطيبة يفترض ان نحافظ عليها ونبني عليها، فهي رافد للاقتصاد الوطني بالعملات الاجنبية، وتشغل اعدادا كبيرة من العمال تزيد عن 200 الف عامل معظمهم حاليا من العمال الوافدين ..القطاع الزراعي يستطيع تقديم منتجات مهمة في الصيف والشتاء، وان الاهتمام بالزراعة يشكل رافعة حقيقية في الاقتصاد والمطلوب مساهمة القطاع العام والخاص في تحقيق الاستقرار للمزارعين..وفي ذلك مصلحة وطنية بامتياز.
الدستور - الثلاثاء 16-4-2019