تدافع إقليمي على وقع الأزمة السودانية
تشتد التجاذبات الاقليمية بتأثير من التحولات الكبرى الحاصلة في الساحة الداخلية السودانية، خصوصا ان السودان منخرط في عدد من الملفات الاقليمية الكبرى كملف الازمة اليمنية وملف سد النهضة الاثيوبي، فضلا عن تماسه المباشر البالغ حد التداخل في ملف الجنوب السوداني، كما انه لا يعد بعيدا عن الملف المتفجر في ليبيا.
السودان بهذا المعنى في عين العاصفة الاقليمية والدولية التي يتجاذبها تارة التنافس الروسي الصيني الامريكي، وتارة اخرى التنافس والتصارع الناجم عن الملف الفلسطيني وملف حصار قطر الاقليمي، الى جانب التجاذبات المتولدة عن الملف السوري.
السودان بات منفتحا اكثر من ذي قبل الازمات الاقليمية وعرضة لأن تتحول ساحته الداخلية الى ساحة للتجاذبات الاقليمية والدولية تراهن فيه القوى المتصارعة على التحولات الحاصلة في الساحة السودانية، سواء على الصعيد المدني والعسكري، فالأطراف المتصارعة دوليا واقليميا ترى فيما يحدث فرصة لإحداث تحولات او انعطافة تسهم في تعزيز معسكر دون الآخر او توجه دون الآخر.
البيئة الداخلية في السودان منفتحة ورخوة، فاتحة الباب على تصارع الاجندة في الساحة الداخلية، خصوصا ان البلاد تحوي قابلية لتصارع واختراق الاجندات الاقليمية في ظل فقدان ناظم واضح لسياسته الداخلية والخارجية؛ اذ ما يزال المجلس العسكري والمجتمع المدني في خطواتهم الاولى نحو الحوار وهندسة الداخل السوداني.
رغم عظم التحديات وخطورة الحراك الاقليمي والدولي المحيط بالسودان، الا انه يمتلك الكثير من عناصر القوة التي تتيح له المجال للمناورة واستعادة زمام المبادرة؛ ابرز ما فيها اطلالته على اغلب الازمات الممتدة في منطقة الصحراء والساحل وشرق البحر الاحمر ووسط افريقيا؛ فانهيار أمنه سيعني رفع الكلف على كافة الاطراف الدولية والاقليمية المتصارعة ما يجعل من استقراره الورقة الرابحة القادرة على كبح جماح القوى المتهورة.
ستكشف الايام على الارجح ان انحياز السودان الى اجندة دون غيرها مسألة مستحيلة في ظل التدافع القوي في الاقليم، والانفتاح الواسع على ازماته؛ مسألة ستقود حتما الى رفع الكلف وبشكل تدريجي على كافة القوى الإقليمية والدولية المنخرطة؛ ورقة تحمل مفارقة يستطيع السودانيون المراهنة عليها كمورد جيوسياسي مهم لحماية أمنهم واستقرارهم الداخلي.
السودان امام اختبار كبير لمواجهة التدافع الاقليمي المقلق، ومخرجه الحقيقي من هذا الحراك وهذا التدافع على ساحته الداخلية لن يتحقق الا بالمسارعة الى الحوار الوطني الموسع، وادماج القوى المدنية لكبح جماح القوى الاقليمية والدولية، وتحويلها من ضغوط وتحديات الى فرصة تسهم في اخراجه من ازمته الداخلية وتعزز استقراره.
ضغوط لن تتوقف إلا بتوافقات داخلية تضع حدا للتدخلات الخارجية، وتقنع كافة الاطراف بقدرته على تجاوز المحنة التي يمر فيها.
السبيل - الاربعاء 17-4-2019