صفقة الحمل الكاذب

سننشغل بصفقة القرن حتى نھایة رمضان وربما بعد رمضان إذا تأخر تشكیل الحكومة الإسرائیلیة، وسینتفخ بطن المنطقة أكثر بانتظار المولود الذي لن یأتي لأن الحمل كان كاذبا. مع ذلك ستبقى المنطقة منشغلة بالمشروع الھلامي الغامض الذي لیس فیھ غیر تسویق الأمر الواقع الإسرائیلي مقابل وعود اقتصادیة. سنبقى منشغلین بمن یتواطأ مع المشروع تحت الطاولة ومن یسھل ومن ”یقني“ للمشروع ومن یعارضھ فعلا. من ھم الاستسلامیون ومن ھم الثوریون.. وكلھا ”حوسة“ داخلیة عربیة وفلسطینیة بینما تستمر أمیركا بالضغط من اجل عملیات تطبیعیة تحت عنوان مشاریع اقتصادیة یستفید منھا الفلسطینیون والمنطقة بما في ذلك إمارة حماس في غزة كجزء من ترتیبات الھدنة الطویلة الأمد جدا. الأردن مع الشعب الفلسطیني ھو الضحیة الأولى للمشروع رغم تصریحات غرینبلات المندوب الأمیركي للسلام بأن الأردن لن یكون وطنا بدیلا للفلسطینیین ونفیھ لكل الإشاعات من ھذا النوع التي تقال عن صفقة القرن بما في ذلك مشروع الكونفدرالیة، وتأكیده على الصداقة القویة مع ّ الأردن بمعنى انھ لن یكون ھناك شيء یضر الأردن، نحن نعرف ان الصفقة بالطبع لن تقترح الأردن وطنا بدیلا وقد لا تطرح مقترح الكونفدرالیة لكننا نعلم أیضا أن النتیجة الفعلیة للتنكر النھائي لدولة فلسطینیة ذات سیادة وقابلة للحیاة سیقود في نھایة المطاف إلى حل لمشكلة المواطنة والجنسیة وإسرائیل التي ستحتفظ بالمسؤولیة الأمنیة عن الضفة لن تعرض الجنسیة الاسرائیلیة على أكثر من ملیوني فلسطیني في الضفة ناھیك عن أبناء غزة، فما ھي المواطنة والجنسیة التي سیتمتع بھا الفلسطینیون وھم المحرومون منھا وحدھم دون شعوب الأرض وحتى الساعة؟! ھل سیبتدعون صیغة مبتكرة تمرر على المجتمع الدولي؟ مثلا أن یكون ھناك مواطنة للحكم الذاتي وجواز سفر بضمانة دولة ذات سیادة، فحامل جواز السفر یجب أن یكون تحت المسؤولیة الأمنیة والسیاسیة لدولة ذات سیادة معترف بھا من المجتمع الدولي! فمن تكون ھذه الدولة؟! طبعا ھذا ونحن لم نتحدث بعد عن فلسطینیي الشتات الذین لا یملكون جنسیة ومواطنة

ویوجد منھم في الأردن مئات الآلاف وقد یصلون الى الملیون إضافة الى فلسطینیي لبنان وسوریة ودول اخرى؟! من ھنا نفھم لاءات الملك الثلاث التي اعلنھا سلفا، وھب الشعب الأردني والفلسطینیي وقواھما السیاسیة والفعالیات الشعبیة داعمة لھا وملتفة حولھا في رسالة واضحة ومسبقة لكل من یھمھ الأمر. مع ذلك یحب البعض إبقاءنا في دائرة التشكیك وانھ تحت غبار الرفض والمعارضة سیكون ھناك في النھایة رضوخ للضغوط والاغراءات خصوصا إزاء المعاناة الاقتصادیة الشدیدة للتعامل مع المشروع المطروح، لكن لنتذكر أن الاردن لیس وحده ولا ھو المخاطب بالشأن، فالفلسطینیون ھم المخاطبون أولا ثم العرب وقد یكون الضغط على الأردن جزءا من الضغط على العرب، خصوصا مصر والسعودیة لكن في الحقیقة لیس ھناك سبب وجیھ واحد لیغامر أي نظام عربي بدعم الصفقة الغبیة التي تعارضھا حتى الاوساط المتنورة والعقلانیة في اسرائیل لأنھا تعرف انھا لن تحل شیئا بل وتمثل خطرا بعید المدى على اسرائیل نفسھا بسبب التداخل الدیمغرافي المشبع بالتوتر حیث یكاد یتماثل عدد العرب والیھود على ارض فلسطین التاریخیة

الغد - الخميس 25-4-2019