الأحد 28 نيسان / أبريل 2019.
أنهى وفد حكوميّ رسميّ مُشاركته في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدوليّ التي اختتمت أعمالها الأسبوع الماضي في العاصمة الأمريكية واشنطن.
على هامش هذه الاجتماعات السنويّة عقدت مباحثات رسميّة مع بعثة صندوق النقد الدوليّ المعنية باتفاق الأردن والصندوق لإجراء تقييم أوليّ للمُراجعة الثانية للاتفاق الذي من المقرر أن ينتهي العمل به رسميّاً في نهاية حزيران المُقبل، وبعدها سيكون الأردن أمام خيارين لا ثالث لهما، إما تجديد العمل مع الصندوق باتفاق جديد على أسس جديدة مُختلفة عما كانت عليه في الفترات السابقة، أو الخروج من عباءة الصندوق والعمل مُنفرداً في إدارة شأنه الاقتصاديّ، وكُلّ الخيارات لغاية الآن مفتوحة.
القرار النهائيّ للمُراجعة الثانية للصندوق ستتم في الخامس من شهر حزيران المُقبل، أيّ في الوقت الذي تستعد فيه الخزينة لسداد مليار دولار هي أولى سندات اليوروبنود التي كانت قد اقترضتها في عام 2010، هُنا يكّمن التحدي الكبير في قدرة الحُكومة على مواصلة تنفيذ خطتها بتخفيض مديونيتها بمعزل عن اتفاق مع صندوق النقد يضمن استمراريّة المانحين والدول الدائنة في اتخاذ مواقف إيجابيّة تجاه عمليات الإصلاح الاقتصاديّ في المملكة.
الحُكومة في اجتماعات واشنطن الأخيرة قدمت شرحاً مُفصلا لبعثة الصندوق عن الإجراءات التي اتخذها الأردن في مجال الإصلاح الماليّ مدعّمة بالأرقام والمعززات وتوقعاتها للعجز المُتوقع هذا العام، كما بيّنت أن استراتيجيّة الحُكومة تهدف إلى مواصلة الإصلاح الماليّ والاقتصاديّ من خلال تعزيز النُمُوّ الاقتصاديّ وتعزيز تحصيل الإيرادات.
وترشيد النفقات بهدف تخفيض نسبة المديونيّة إلى الناتج المحليّ الإجماليّ.
سيجتمع المجلس التنفيذيّ للصندوق في الخامس من شهر حزيران المُقبل، ومن المرجّح أن يتخذ قراراً بالموافقة على المُراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح الماليّ والاقتصاديّ، وهذه الموافقة -أي موافقة المجلس التنفيذيّ على المراجعة الثانية- تعني أن الأردن يسير بالاتجاه الصحيح ضمن برنامج الإصلاح الماليّ والاقتصاديّ، كما ستؤدي إلى استمرار الجهات المانحة بتقديم الدعم الماليّ للأردن سواء المنح أو القروض كما سيؤدي إلى تعزيز تصنيف الأردن الائتمانيّ وتحسين مؤشرات تشجيع الاستثمار والحصول على التمويل بكلف أقل.
وفق السيناريو السابق فالحكومة مُطالبة أن تتواصل مع الصندوق وتعمل على اتفاق تنمويّ جديد يُركّز هذه المرّة على النُمُوّ بالدرجة الأولى، والابتعاد عن أيّة إجراءات ماليّة جديدة تحمّل المواطن والقطاع الخاص أيّة أعباء ماليّة جديدة عليهما، فالوقت والمرحلة الراهنة لا تحتمل مثل هذه الإجراءات أبدا.
اما السيناريو الآخر وهو لجوء الحكومة للسير منفردة في تنفيذ برنامج إصلاحيّ اقتصاديّ وطنيّ بعيداً عن أيّة مُشاركات من المؤسسات الاقتصاديّة الدوليّة خاصة صندوق النقد والبنك الدوليين، وهنا سيكون التحدّي الأكبر أمام الحكومة هو في إقرار ذلك البرنامج الاقتصاديّ الوطنيّ وتمريره على كافة مؤسسات الدولة الدستوريّة، بمعنى إلزاميّة تنفيذ ما يتضمنه البرنامج من أهداف اقتصاديّة.
خطورة هذا السيناريو هو أن الحكومة ستكون مسؤولة كاملة عن أيّة تجاوزات في تنفيذ البرامج الإصلاحيّ الوطنيّ، وفي حال فشله أو وضعه على الرف من الخطط والبرامج الاقتصاديّة المُختلفة، فإن تداعيات ذلك ستكون كبيرة وخطيرة على الاقتصاد الوطنيّ واستقراره، حينها المجتمع الدوليّ لن يكون شريكا في التراجع، ولن يكون كذلك شريكا في الخروج من الأزمة، لأن من يتحمل حينها أسباب الإخفاق الجميع.
المرحلة الراهنة للاقتصاد الأردنيّ وطبيعة الأوضاع في المنطقة، ناهيك عن الجانب السياسيّ الذي يحيط بالأفق ويلقي بظلال قاتمة على أوضاع المنطقة بمجملها يحتم على الأردن البقاء في تحالفات مع صندوق النقد الدوليّ، والتعاون معه ضمن برامج سيتم التفاوض عليها بأسلوب جديد يعطي بعداً خاصا للنمو الاقتصاديّ، فهذا الأمر له أهمية كبرى في دعم الأردن واستقراره وتعزيز جهوده في ضبط المديونيّة، والحصول على تمويل خارجيّ بأسعار فائدة مُنخفضة تمكّنه من تنفيذ خططه الماليّة المُختلفة.
الدستور -