تخفيض أسعار الدواء
من اهم التحديات المعيشية والحياتية التي يواجهها المواطن الاردني ارتفاع فاتورة الدواء، التي تعادل في بعض الانواع المطلوبة واللازمة يوميا خمسة اضعاف اسعار مثيلاتها في دول اخرى مجاورة، وعندما نتحدث عن اثمان الادوية لعلاج الامراض المزمنة التي لا يمكن الاستغناء عنها او تجاهلها، والتي لا يكاد يخلو بيت من وجودها وحاجتها، فان المتلازمة الرباعية على سبيل المثال لا الحصر التي تغزو بعض الاجساد، وهي السكري والضغط والدهون والكوليسترول، التي تأبى ان تأتي الا مجتمعة، واذا تأخر احدها، لا تستقر الاخرى الا بالتحاقه بالمجموعة، فان تناول اربع كبسولات حبوب يوميا يعادل ثمنها اربعة دنانير، ما يعني مائة وعشرون دينارا شهريا، كحد ادنى لعلاج هذه المتلازمة لوحدها ولشخص واحد في الاسرة، فماذا يعني هذا العبء المالي الاضافي، عندما يضاف الى كلف الحياة الاخرى، ومقارنته مع الدخول الدنيا لخط الفقر.
تدخل الحكومة والمؤسسات المعنية اصبح ضرورة ملحة، لانقاذ المواطنين من طمع وجشع المتاجرين بصحتهم وحياتهم، الذين لا يجدون مفرا من استخدام الادوية مهما كان ثمنها، لان البديل يعني الموت، الا اذا كان بمقدور البعض الحصول عليها من دول اخرى بأسعار اقل كلفة، ويتساءل العديد من المواطنين عن فائدة توفر الدواء مع غياب القدرة على شرائه، وعدم وجود البديل المناسب للعلاج بالسعر المناسب.
ويصطدم المرضى في كثير من الاحيان بالاسعار المرتفعة جدا لبعض الادوية، وعدم قدرتهم على تناولها لاسباب مالية، اضافة الى ضعف الخدمات وساعات ومدد الانتظار الطويلة جدا، وقلة اعداد اطباء الاختصاص وعدم وجودهم في بعض المناطق.
لا يجوز الابقاء على السوق رهينة بين تجار الادوية، وتحديد الاسعار والارباح حسب المزاجية، دون ضوابط قانونية ملزمة للجميع يتم بموجبها تحديد هوامش معقولة للربح، تحمي المواطن من تحمل العبء المادي الكبير، والضغط النفسي الهائل الذي يتعرض له نتيجة ذلك، وتمكينه من الحصول على العلاج الذي يحتاجه بأثمان مناسبة، توفر العدالة لجميع اطراف المعادلة، دون ان يظلم احد.
والدراسة التي تجري بموجبها مراجعة شاملة لاسعار الادوية في السوق الاردني، يجب ان تنسحب على المختبرات والاجور الطبية، وكل ما يتعلق بصحة الانسان، من خلال فتح الملف الصحي بالكامل، ووضع ضوابط واسس جديدة يلتزم بها جميع الاطراف .
نحن في الاردن نباهي العالم بأننا اول دولة عربية في السياحة العلاجية، ومن بين افضل خمس دول عالمية في هذا المجال، لان الطب الاردني هو الافضل والاكثر تقدما وتطورا ونجاحا في القطاعين العام والخاص، مما يعني ان المواطن الاردني له الاولوية والحق المطلق في الحصول على افضل الخدمات الطبية والعلاجية، وان تكون الادوية بمتناول الجميع، وان لا تشكل اثمانها عائقا امام المواطن والمريض الاردني، الذي هو اغلى ما يملك الوطن.
ليس مهما من يدفع ثمن الدواء المواطن او الدولة، فهو اولا واخيرا كلفة عالية على جيب المواطن وعلى خزينة الدولة، وتخفيض ثمنه سوف ينعكس على تحسين واقع خدمات صحية اخرى، في عدة مناطق هي بأمسّ الحاجة الى وجود تلك الخدمات ورفع مستواها.
الدستور - الخميس 2 أيار / مايو 2019.