المغتربون والاستثمار
يوجد آلاف الأردنيين المغتربين إما في دول الخليج العربي أو في الولايات المتحدة الأميركية أو دول أمريكا اللاتينية أو دول الاتحاد الأوروبي وفي عدد من أقطار العالم المختلفة وبعض هؤلاء المغتربين حقق نجاحات مادية كبيرة وهو يطمح لأن يعود إلى بلده ليستثمر أمواله أو جزءا منها هنا لكنه لا يعرف المجالات التي يجب أن يستثمر فيها أو ما يحتاجه البلد من صناعات أو مشاريع على اختلاف أنواعها .
قبل بضع سنوات كان بنك الانماء الصناعي الذي يعطي قروضا لإقامة المشاريع لديه قائمة بالمشاريع التي يحتاجها السوق الأردني وهذه المشاريع وضعت بعد دراسة دقيقة فكان بعض المستثمرين يذهبون إلى هذا البنك وإلى القسم المختص بإقامة المشاريع ويطلعون على المشاريع التي يحتاجها السوق الأردني وأذكر أنني ذهبت مع أحد الأصدقاء قبل حوالي عشرين عاما إلى هذا البنك وكان هذا الصديق ينوي إقامة مصنع صغير فنصحه الموظف المختص بإقامة مصنع جرابات رجالي لأن السوق بحاجة إلى هذا الصنف والمصانع الموجودة عندنا لا تكفي لاحتياجات السوق وأعطاه دراسة مستفيضة عن تكاليف إقامة هذا المصنع
بعض المغتربين الأردنيين الذين يحبون إقامة مشاريع استثمارية في بلدهم لا يعرفون احتياجات السوق لأنهم أمضوا سنوات طويلة خارج بلدهم ويحتاجون إلى من يساعدهم على اختيار المشروع المناسب سواء كان هذا المشروع صناعيا أو زراعيا أو تجاريا وهذه مهمة وزارة الصناعة والتجارة لكن يبدو أن هذه الوزارة غائبة تماما عن هذه المسألة ولا يوجد لديها قسم خاص لمساعدة المستثمرين سواء كانوا أردنيين أو عربا أو أجانب .
إذن المطلوب من وزارة الصناعة والتجارة أن تقوم بدراسة علمية موثقة عن المشاريع التي يحتاجها بلدنا وأن تكون الدراسة شاملة للبنية التحتية التي تحتاجها هذه المشاريع وتكاليف إقامتها وحجم البيع المتوقع من إنتاجها فيما لو أقيمت وكل ما يتعلق بها حتى تكون هذه الدراسة جاهزة لأي مستثمر يريد أن يستثمر أمواله في الأردن .
من واجبنا جميعا أن نشجع المواطنين الأردنيين المغتربين على الاستثمار في بلدهم لكي نخلق فرص عمل جديدة للشباب ومن واجبنا أن نقدم لهم كل التسهيلات الضرورية التي تتطلبها مشاريعهم أما أن يعود المغترب الأردني إلى بلده متحمسا للإستثمار ولإقامة المشاريع بعد سنوات الغربة الطويلة ثم لا يعرف أين يتجه ومن أين يأخذ المعلومات الصحيحة فهذه مسألة غير معقولة وغير مقبولة أبدا .
إن وزارة الصناعة والتجارة عليها مسؤولية كبيرة تجاه أبنائنا المغتربين وليس مطلوبا منها أن تقوم بالدراسات اللازمة عن المشاريع التي يحتاجها بلدنا فقط بل مطلوب منها أيضا أن تذهب إلى بعض أماكن الإغتراب التي يتواجد بها عدد كبير من المواطنين الأردنيين لتلتقي بهم وتعرض عليهم بعض المجالات التي يمكن الإستثمار فيها وتشجعهم على العودة وإقامة المشاريع الاستثمارية وهذا كما يعتقد الجميع من صلب عملها .
الدستور -الثلاثاء 14 أيار / مايو 2019.