ذكرى النكبة هذا العام غير
عاما بعد عام وحتى الآن سنحيي الذكرى الواحدة والسبعين للنكبة، ولا ندري إلى متى سنحييها حزانى؟
ومع ذلك فإن كل ذكرى للنكبة تكون غير التي قبلها، فالنكبة قبل عام 1967 كانت ذكرى لا تنازع، حتى جاء ذلك العام فزاحمها على سلم الذكريات الأليمة، وبعدها جاء حريق الأقصى الذي أحرق القلوب لكنه لم يحرك الجماهير، وبعدها استكانت النفوس وألفت الهزيمة، لكنها وجدت بصيص أمل عام 1973، إلا أنها عادت وانتكست في العام 1978، فإذا كان عام 1948 نكبة وعام 1967 نكسة فإن عام 1978 (اتفاق كامب ديفيد) خيبة وخيبة كبيرة، ثبتت النكبة وأرادت أن تجعل منها كقصيدة شوقي في غرناطة وقصر الحمراء.
وانتفض أهل الحق في عام 1987، وكانت ذكرى النكبة غير تماما في ذلك العام والذي تلاه حتى عام 1994 حين انتكسنا مرة أخرى، واعترف أصحاب الدار باللص صاحبا شرعيا لثلاثة أرباع الدار على أن يترك لهم الثلث، وهم بذلك جعلوا شوقي ذاته غريبا علاوة على غرناطة وقصر الحمراء، فلم يعد لإحياء الذكرى معنى، وأي معنى وأنتم تحيون ذكرى أرض سليبة اعترفتم بعظمة لسان منظمتكم التي أنشئت لتحريرها أنها لعدوكم خالصة من دون الناس؟
في العام 2000 اكتشف الختيارية أنهم باعوا ولم يقبضوا الثمن، حاولوا جعل ذكرى النكبة غير، وربطوها بالأقصى المبارك، فكانت انتفاضة الأقصى، لكن المياه الكثيرة التي جرت منذ نكبة أوسلو ووادي عربة ومن قبلها كامب ديفيد، فلم يكن اللص نائما «على ودانه»، فقصقص كل الأجنحة وحاصر جميع الجنود على الرقعة في بقعة صغيرة تسمح له بإخراجهم من اللعبة إلى الأبد هكذا كان.
في العام 2011 طل فجر جديد، هذه المرة على أيدي أشقاء أصحاب الدار، عاد للنكبة معناها، فالجماهير باتت تعرف اللص اصدقاءه وأعوانه وعملاءه، لكن المعركة كانت قصيرة جدا، وانتهت لصالح اللص وأعوانه وأصدقائه وعملائه.
بعدها باتت النكبة نكبات؛ نكبة في سوريا وأخرى في اليمن وأخرى في ليبيا، لنكتشف أن النكبة الكبرى
منا وفينا.
في الثنايا كان الأمر مختلفا، فهناك دائما من لا يعرف اليأس ولا الخنوع ولا الخضوع، وهؤلاء هم من يوقفون قطار النكبة أن يأخذ معه مزيدا من الأحلام ومزيدا من الأوطان.
السبيل - الخميس 16/مايو/2019