مؤامرة الدواء
تزامن النقاش المحلي حول ارتفاع أسعار الأدویة في الأردن مع أسعارھا في دول مجاورة مع تفاعل قضیة عالمیة بعیدة وقریبة منا؛ فقد قامت 40 ولایة امیركیة برفع دعوى قضائیة ضد شركة ”تیفع“ الاسرائیلیة إحدى عمالقة صناعة الدواء العالمیة، متھمة ھذه الشركة بالتآمر الذي یصل حد الإجرام في رفع أسعار الأدویة، والذي حققت من خلالھ ملیارات الدولارات، ولجأت ھذه الولایات إلى القضاء بعد تحقیق استمر اكثر من خمس سنوات، ثبت فیھ أن الشركة التي تعد الاولى في العالم في إنتاج الادویة الجنسیة قد تورطت مع منتجي ھذه العقاقیر في ”تآمر إجرامي“ لرفع الأسعار وشمل ھذا التآمر حسب الدعوى نحو 100 نوع من الأدویة ورفع سعر بعضھا عشرة أضعاف. سوق الدواء في العالم تتجاوز ترلیون دولار ینفقھا الناس على الأدویة، وھذه السوق لیست بریئة ویكفي النظر إلى ھیكل الإنفاق على الإنتاج الذي یوضح كیف تنُافس ھذه الصناعة صناعة السلاح في الاحتكار والھیمنة والارباح، حیث یعد قطاع صناعة الادویة من اكثر القطاعات ربحیة في العالم، ویتجسد حجم كبیر من الانفاق في مجالین اساسیین الاول مطلوب وھو الانفاق العالي على الابحاث والتطویر والثاني یثیر التساؤل وھو الانفاق الكبیر على الترویج والاعلانات التجاریة والتي تصل لدى بعض الشركات إلى ثلث الایرادات المتحققة، وھي ضعف الانفاق على الابحاث والتطویر. ھناك ادراك عالمي ولیس لدینا فقط، بحجم الازمة والاستغلال في سوق الدواء، في 2017 اوضحت دراسة المانیة أن شركات صناعة العقاقیر في العالم تستغل المرضى بجشع، حیث ّ افادت دراسة ”بي دبلیو سي“ للخدمات الاستشاریة والمراجعة الاقتصادی ّ ة، أن شركات صناعة ّ العقاقیر تعاني عالمیا من سمعة سیئة. وحسب الدراسة المنشورة، فإن 73 ٪ من الألمان، یرون ّ أن قطاع الأدویة حریص فقط على تحقیق مصالحھ، على حساب صنادیق التأمین الاجتماعي.، وعلى الرغم من أن القطاع الخاص في العالم وعلى مدى نحو 150 سنة مضت قد انقذ البشریة
ن عشرات الأوبئة وأوجد الحلول للكثیر من أسباب الموت وحسن نوعیة الحیاة للبشر إلا أن إدراك الخبراء یزداد في آخر 10 سنوات بحجم الجشع والتجاوزات في ھذا القطاع الامر الذي لا یتوقف عند ارتفاع الاسعار بل یتجاوز ذلك إلى انتاج لقاحات فاسدة أو عدم افصاح العدید من الشركات عن الاضرار الجانبیة لبعض العقاقیر والتي قد تحتاج إلى سنوات طویلة لكشفھا. وعلاوة على الھیمنة الامیركیة على صناعة الدواء في العالم والمنافسة الحادة مع الصناعات الأوروبیة یزداد بروز الصناعات الدوائیة الاسرئیلیة بقوة حیث یوجد أربع شركات اسرائیلیة تعد من بین المنافسین في العالم وعلى رأسھا شركة (تیفع) التي بدأت في القدس العام 1901 وھي أول من أنتج الفیاجرا في العالم، ومن الواضح ان ھذه الشركات رغم سمعة العلاج الاسرائیلي في السابق اصبحت من اكثر الشركات في الاحتیال وممارسة التضلیل وأحد الاسباب الرئیسة لارتفاع الأسعار في العالم. في 2015 اظھرت دراسة لباحثة اسرائیلیة من جامعة حیفا تدعى (یافة شیر – ران) ”أن شركات الأدویة الإسرائیلیة تمارس أسالیب التخویف وإخفاء معلومات طبیة وتلفیق معطیات من خلال استطلاعات رأي غیر حقیقیة، وحتى اختراع أیام توعیة لأمراض، وذلك من أجل تسویق الأدویة“ حیث حللت الباحثة 1500 إعلان ومقابلة إعلامیة لشركات الادویة وتوصلت إلى ان نصف المعلومات مبالغ فیھا ومضللة وتستدعي الامراض من خلال تضخیم حجم الاخطار، وان استراتیجیات التسویق للأدویة تشبھ استراتیجیة تسویق صناعة تبغ في السابق . ھذا العالم لیس بھذه البساطة ولیس بھذه البراءة التي نتصورھا!!
الغد - الأحد 19=5=2019