رؤية في التطوير التربوي (2)
2-المنهج الإبداعي: المدرسة الذكية... نموذج:
*عام (2017) تصدرت خمس دول أوائل النظم التربوية عالمياً، وفق مقياس محدد، وهي (كوريا الجنوبية، واليابان، وسنغافورة وهونج كونج وفنلندا)، وجاءت المجموعة الثانية خمس دول أخرى وهي (بريطانيا وكندا وهولندا وايرلندا وبولندا).
تبين أن المجموعة الأولى قد اعتمدت (المنهج الإبداعي) في التطوير، باجتهادات متنوعة في كل بلد منها، ولكنها تتوافق عند المحور الأساسي للتطوير وهو (المدرسة)، للوصول إليها، والانطلاق منها بمبادرة (المدرسة الذكية).
تتمثل هذه المدرسة في خمسة عناصر، تعبر عنها كلمة (SMART): وتدل على الجوانب الخمس: أهداف محددة، أهداف قابلة للقياس، ممكنة التحقيق، واقعية، وذات توقيت زمني، وجاءت هذه الكلمة لتشمل الحروف الأولى:
(Specif,Measurable,Achievable,Realistic,Timed)
-يعتمد منهج (المدرسة الذكية) في التطوير التربوي، على تأهيل المدرسة لتكون بيئة آمنه، وامتداداً (للأسرة ، وبانفتاح على المجتمع، وتزويدها بالتجهيزات الفنية، التكنولوجية ووسائل الاتصال السريع (الانترنت، والرقمية... الخ) وتوظيفها في خدمة عملية التعلم والتعليم وتعريض الطالب أينما تحرك في المدرسة لدافعية التعلّم والتعليم: فيتمكن من الوصول إلى مصادر المعرفة بيسر وسرعة، ويكتنف المزيد من المستجدات العالمية، بكفاءة وجودة عاليتيْن، فتتحول العملية التربوية عنده إلى رحلة ممتعة.
*تتمثل عناصر التطوير وفق (منهج المدرسة الذكية) بمنظومة رئيسية تشمل : الطالب والمعلم والمنهاج.
- فالاهتمام بالطالب يأتي أولا، لتلبية (حاجاته واهتماماته) في بيئة مدرسته توفر تعليماً حرّا يشجع على الابتكار، والانتقال به إلى مستويات الإدراك المعرفي الأعلى ، وتحفيزه على ممارسة النشاط التفاعلي التبادلي مع اقرأنه ومعلميه وبيئة المجتمعية، المحلية والكبرى، فتصبح عملية التعلم والتعليم تعمل في بيئة تربوية حيوية، بدافعية متجددة، وبمواقف تدريسية فعالة بمنظومة محفزة للإبداع تتمثل في (التفكير، والتفكير الناقد وإعمال العقل).
*أما الاهتمام بالمعلم، وهو العنصر الرئيسي في هذا المنهج، فهو بمثابة (متعهد مشروع التطوير المدرسي) حيث يتطلب ذلك تأهيله وتدريبه وفق كفايات مستقبلية، تمكنه من تحويل الأفكار إلى واقع عملي، وإحداث نقله نوعية في طرائق التدريس، وأدارك المتغيرات المستقبلية في عصر العولمة وسرعة انتشار المعرفة والتطور العلمي/ التكنولوجي، وتمكنه هذه الكفايات من القدرة على إعادة صوغ الأهداف برؤية معاصرة / متجددة، وقدرته على أتفان التواصل الرقمي والسريع، والتواصل الاجتماعي والثقافي والمدني، وبخاصة مع المجتمع المحلي وأولياء أمور الطلبة باعتباره، (الشريك الاستراتيجي) في العملية التطويرية، فهو في النهاية المستفيد من جودة التعليم ونواتجه المتميزة.
*أما المناهج، فهي جوهر عملية التطوير القائم على المنهج الإبداعي، وهي، أي المناهج، الحياة بمجملها، فتكون متجددة ومتغيرة، فلسفة وفكراً وتطلعات، وترتبط بالأمن الوطني، وتعزز متانة النسيج المجتمعي، وتتوافق مع نتائج البحث العلمي.
أن أهم خصائص المناهج في المدرسة الذكية، أن تكون مبنية على تكامل الحقول المعرفية وتداخلها، فلا مناهج منفصلة: فمقررات تعليم المواطنة والبيئة والعلوم الاجتماعية تكون في حزمة واحدة، وتكون مقررات العلوم والتكنولوجيا والرياضيات... الخ في حزمة ثانية؛ أما الحزمة الثالثة فتشمل مقررات الإنسانيات والفنون والفلسفة.
*أن من أهم عوامل نجاح التطوير في المدرسة الذكية يتمثل في تفعيل المنظومة المحفّزة للإبداع (التفكير- التفكير الناقد-إعمال العقل)، وتحفيز الطالب لينتقل من دور المتلقي إلى دور المبادر، والانتقال بالمعلم من دوره التقليدي، سيد المعرفة، إلى قائد الموقف التعليمي التعلمي، والانتقال بالمدرسة من البيئة النمطية إلى البيئة الديموقراطية، فتكون (المدرسة الذكية) مشغل التفاعل المعرفي جودة (في التعليم)، إبداع (في التعلّم)، ابتكار (في الفكر) وتنافسية عالية، محلياً وعالمياً.
*أنني أزعم، أننا لو أخذنا عشرة مدارس كبرى (للبنين وللبنات) من كل محافظة في الأردن، وأخضعنا مقوماتها خلال سنة واحدة: لتأهليها تكنولوجيا، وتدريب معلميها وإداراتها، وتهيئة المجتمع المحلي، وتصميم مناهجها المتداخلة، ثم وضعت موضع التطبيق، أزعم بثقة، أن هذه المدارس المائة والعشرين سوف تتفوق عالمياً.
الدستور - الاثنين 3 حزيران / يونيو 2019.