توزيع الدخل والفقر في الأردن
أقبل العید، وعند كتابة ھذه السطور یكون شھر رمضان الكریم یطوي أیامھ الأخیرة. ونحن نستذكر أن الشھر ھو موعد أداء فریضتین أساسیتین تشكلان اثنتین من اعمدة العبادة الخمسة في الإسلام، وھما الصوم والزكاة. وفیھا أیضا یدفع الناس زكاة الفطر بمقدار دینار وثمانمایة فلس عن كل فرد من الأسرة، والذي یستحق على حوالي 80 %من سكان الأردن. لو استثنینا الفقراء والعاطلین عن العمل. وھو لیس بالرقم الكبیر لأنھ لن یزید عن (15 (ملیون دینار. ولكن ھنالك من یتطوع خیراً فوق الاستحقاق. وبھذه المناسبة أنجزت دائرة الاحصاءات العامة دراسة احصائیة میدانیة عن نفقات الأسر في الاردن. وقد استعرض الدكتور قاسم الزعبي مدیر دائرة الاحصاءات العامة في مداخلتھ امام اعضاء من الحكومة وعدد من الحضور في الندوة التي عقدت بدعوة من وزارة التخطیط وبرعایة رئیس الوزراء د. عمر الرزاز للبحث في الشق الاجتماعي المتعلق بمشروع النھضة .2025-2019 الأردني وتبین من الدراسة نتیجة مھمة جداً لفتت نظري، وھي أن انفاق افقر 10 %من الأردنیین یساوي حوالي 6.2 %من مجموع إنفاق الأسر في الاردن، بینما بلغ انفاق أغنى 10 %حوالي 3.19 %من مجموع الانفاق، وبھذا یشكل انفاق الاسر الافقر حوالي 13 %من انفاق الأسر ّ الأغنى. ولو حولنا ھذا الرقم من الأسر إلى معدل إنفاق الأفراد لصارت النسبة 10 %فقط. أي أن معدل إنفاق الفرد في الأسرة الأغنى یساوي عشرة أضعاف معدل إنفاق الأسر الأفقر. وذلك لأن معدل حجم الأسرة الأفقر ھو 7.6 شخصا، بینما معدل عدد أفراد الأسر الأغنى ھو 0.5 افراد فقط. والواقع لو تأملنا في ھذه الأرقام، فإنھا قد تغفل أمرین أساسیین: الأول أن إنفاق الأسر خارج الاردن غیر محسوب. وبمعنى آخر، فإن من یذھبون للسیاحة، ومن یشترون بضائع وینفقون على الخدمات خارج الاردن ربما لا یدخلون ضمن ھذه المعادلة بالشكل الصحیح. ولا أرید أن
اظلم دائرة الإحصاءات العامة والتي تقوم بعمل متمیز، ولكن قلیلا منا یستفید من معلوماتھا وإحصاءاتھا المنشورة على موقعھا الالكتروني. وأما الأمر الثاني والذي بحثتھ مع مدیر دائرة الاحصاءات واتفق معي علیھ ، فھو ان الدراسة تغفل حقیقة أساسیة، وھي أن الاقتصاد غیر الرسمي في الاردن، وغیر المعترف بھ، قد یصل إلى 30-35 %من مجموع الاقتصاد. ومع أن اسلوب الدراسة یأخذ المعلومات من الأسر عن انفاقھا لا عن مداخیلھا إلا أن الانفاق غیر الرسمي لن یعلن عنھ إذا مول بمداخیل خارج الاقتصاد الرسمي. وفي مداخلتھ ذكر مدیر الاحصاءات العامة أن نسبة البطالة تصل إلى 19 ،%وأن نسبة الفقر تصل إلى 6.15 . %ولولا ما یقدمھ الدیوان الملكي والحكومة وصندوق الزكاة وغیرھا من مساعدات للأسر الفقیرة، لارتفعت نسبة الفقر إلى أكثر من نسبة البطالة. ولذلك نعود لقول ما اكده جلالة الملك عبدالله الثاني في رسالتھ التي ھنأ بھا الشعب الأردني بقدوم رمضان من أن ھذا شھر التكافل والتراحم. وإلى ما أكده سمو الأمیر الحسن بن طلال في كلمة مختصرة ألقاھا على المدعوین على مأدبتھ یوم الرابع والعشرین من رمضان حین أكد ّ وذكر الحكومة التي حضرت برئیسھا وعدد من وزرائھا في القطاعات الاجتماعیة خاصة بأھمیة الزكاة. وھي واحدة من الموضوعات التي تشغل بال الأمیر من سنین طوال. وقد یجد في وزیر الأوقاف الحالي الدكتور عبدالناصر أبو البصل من یستجیب لھذه الفكرة التي یؤمن بھا معالي وزیر الاوقاف. یوم الرابع والعشرین من رمضان أحسنت الحكومة في إبراز اھمیة القطاعات الاجتماعیة ضمن منظومة التكافل إحدى ركائز مشروع النھضة الثلاث، ونجح سمو الأمیر بوضع فكرة الزكاة بقوة وإخضاعھا لتشریع یجعلھا أكثر فعالیة وأداء لصالح من تنطبق علیھم مصارفھا.
الغد -الثلاثاء 4-6-2019