للحفاظ على نُموّ السياحة
واصل القطاع السياحيّ في المملكة نموه الإيجابيّ المُستمر منذ ما يُقارب العامين بوتيرة مُتصاعدة ومختلفة عن باقي القطاعات الاقتصاديّة التي مازالت تقبع تحت شبح التباطؤ الاقتصاديّ.
والإحصاءات الرسميّة تؤكد أن ارتفاع عائدات الدخل السياحيّ للمملكة في نهاية الربع الأول من هذا العام لتصل إلى 1.3 مليار دولار بنسبة ارتفاع بلغت 5.2 بالمئة عن الفترة ذاتها من عام 2018.
النُمُوّ في القطاع السياحيّ خلال الربع الأول عائد إلى ارتفاع أعداد الزوار الدوليين الأجانب خلال الفترة من كانون الثاني وحتى آذار من هذا العام بنسبة 33.3 بالمئة عن الفترة ذاتها من عام 2018، إضافة إلى نسب نُمُوّ متصاعدة في أعداد سياح المجموعات بنسبة ارتفاع وصلت 19.7 بالمئة، وارتفاع أعداد سياح المبيت بنسبة ارتفاع وصلت 36 بالمئة.
استدامة النُمُوّ في القطاع السياحيّ مسألة فيها تحدي كبير للحكومة ممثلة بوزارة السياحة التي لعبت دوراً مميزاً في إدارة المشهد والخروج من عنق الزجاجة بِكُلّ اقتدار نظرا للتميز والكفاءة الإداريّة التي يعمل بها طاقم الوزارة.
لكن استدامة هذا النُمُوّ في ظل الأوضاع الراهنة كما أسلفنا يواجه مخاطر عدة من عدة جوانب، فوزارة السياحة تواجه معضلة كبيرة في الترويج السياحيّ للمملكة لسببين: الأول متعلق بضعف الموارد الماليّة المخصصة للترويج والتي لا تزيد عن عشرة ملايين دينار جزء كبير منها يذهب لنفقات تشغيليّة ليس لها أيّة قيمة مضافة.
السبب الثاني مُتعلق بالأزمة السياسيّة والاقتصاديّة في المنطقة والعالم، وهذا انعكس على حركة السياحة الأوروبيّة القادمة للمنطقة، وقد تأثرت جليّاً بصورة الاضطرابات وعدم الاستقرار وتنامي حالات العنف في البلدان العربيّة.
صحيح أن الأردن يعيش حالة من الاستقرار النوعيّ بين دول المنطقة لكن مسألة الترويج والجذب السياحيّ تحتاج إلى عملية مُتكاملة ليست محصورة بوزارة السياحة فقط.
هناك مسؤوليات كبيرة على معظم مؤسسات المجتمع في استغلال الفرص الراهنة لتعزيز الوضع السياحي الوطنيّ، فالسائح العربيّ أقُفلت تقريبا بوجهه معظم الأماكن السياحيّة العربيّة التقليديّة بسبب عدم الاستقرار في المنطقة، ولم يبق أمامه غير بوابة الأردن، وهذا ما يفسر نُمُوّ السياحة العربية للمملكة.
وبما أن الحكومة هي المنظم للعمليّة الاقتصاديّة فإن من واجبها الإسراع في عمليات تحديث البنيّة التحيّة وإقامة الأسواق الشعبيّة السياحيّة بالقرب من المعالم الأثريّة والعمل بعد ذلك على تسويقها ضمن عمليات الترويج جنباً إلى جنب مع المعالم السياحيّة الرئيسيّة كالبحر الميت والبترا وجرش، بدلاً من الأفكار التي روجتها احدى الحكومات السابقة التي أبدعت في استحداث مشاريع عجيبة مثل إدارة المرافق السياحيّة من قبل القطاع الخاص، لا بل تجاوز الأمر إلى المباشرة بطرح مشروع لتسليم المواقع الأثريّة لمستثمرين، وهو أمر لا يختلف كثيرا عن أيّ جريمة ترتكب في حق الوطن عندما تتنازل عن أثارك ومرافقك التاريخيّة.
المطلوب في هذه المرحلة عدم ترك وزارة السياحة لوحدها تُدير القطاع، فهي بحاجة ماسة اليوم إلى دعم مؤسسيّ مُتكامل من كافة الجهات، فموظف المطار عليه مسؤوليّة حسن الاستقبال ورعاية الإنجاز، وأمانة عمّان مطالبة بحل مشاكل النفايات المتناثرة هنا وهناك حتى في ارقى مناطق وأحياء عمان، في مشهد غريب لم يعتد عليه الأردنيون الذين كانوا على الدوام يتباهون بنظافة مدينتهم، والمواطن مسؤول عن تصرفاته أمام الزائر والتي تنعكس على مزاج السياح سلباً ام إيجاباً، والإعلام هو الآخر شريك في الترويج السياحيّ وعليه مسؤولية كبرى في إظهار الصورة المُشرقة للأردن ومحافظاته وتاريخه.
الدستور - الثلاثاء 11 حزيران / يونيو 2019.