الحكومة والانتصار للمواطن: الداوء نموذجًا
الظرفية الراهنة اليوم، تظهر أنّ حكومة الرزاز لم تعد عرضة للصراعات في بناء القرار، والطريق معبدة أمام الحكومة لاحداث حالة جديدة من الثقة مع المجتمع، وكل هذا يجعل الآفاق مفتوحة على علاقة افضل بين الحكومة والشعب وبصفة أقل توتراً.
والدكتور عمر الرزاز يبدو اليوم أكثر أريحية، لكن هذا لا يعني بأن الحكومة لن تمر بأزمات مقبلة، فالواقع اليومي قد يقذف بأي حدث ليكبر ويصبح له رأي عام حوله، ومن ذلك مسألة أسعار الدواء التي انتصر لها جلالة الملك ووجه الحكومة لاتخاذ اجراءات سريعة لتخفيف العبء عن الناس.
المؤتمر الصحفي الذي شارك به رئيس مؤسسة الغذاء والداوء، والذي جاء بعد دراسة للجنة متخصصة، فتم الاعلان فيه عن تخفيض اسعار أكثر من 1200 نوع من الدواء، كان حصيلة جيدة، لكن المؤتمر قيل فيه أن عدد الدول المرجعية في أمر التسعير قد زاد إلى 26 دولة، وكان قبل ذلك عددها ست عشرة دولة.
فأي دول تلك التي اضيفت، وهل كان التخفيض حقيقا أم كان نتيجة طبيعية للمراجعة السعرية؟ وفي المقابل هناك من يرى أن أدوية بعينها يستخدمها زارعوا الكلى غالية جداً، وهناك أدوية اخرى متعلقة بالامراض النفسية مرتفعة، وهناك أدوية السرطان أيضا.
السؤال ما هي الاخلاقيات التي تسمح للشركات بالربح الكبير الذي كشف عنه الجدل الاردني الأخير حول الأدوية، وكيف وصلنا إلى هذا الحال الربحي العالي جداً، ولماذا تنزعج الجهادت المعنية من النقد، ولماذا يكون الرفض للاعتراف بوجود خلل كبير يعطي ربحا للشركات بنسبة 40 % وللصيدليات بنفس القيمة وللحكومة 4 %؟
من المسؤول، ولماذا يترك الحال حتى يتدخل جلالة الملك؟ الجواب هو الرغبة بالربح ورفض النزول إلى مستوى آلام الناس وضيق العيش الذي هم فيه، وهذا امر يحتاج لاخلاقيات الحرف التاريخية التي كانت تضع الامانة والصدق وعدم الفحش في الربح في أعلى مراتب المهنة.
النقابات الحرفية في التاريخ الإسلامي، كانت متعقلة بحماية الحرفة من الفحش والانحراف والجشع، واليوم نحن احوج بكثير لتلك الممارسة التي نريدها كي تجعل الجميع جسداً واحداً، فهل من مستجيب؟
لقد كان هناك جهد جيد في الآونة الأخيرة من قبل الحكومة، التي لا بد لها من النجاح في حماية المستهلك، وفي ضمان علاج معقول له، والحكومة قادرة وبيدها كل القوة والحق لكي تمارس سطلتها على القطاع التجاري اينما كان ومهما كانت قوته.
الدستور 0الثلاثاء 18 حزيران / يونيو 2019.