إنه الاقتصاد دولة الرئيس
ھناك العدید من العوامل التي تؤثر في شعبیة الحكومات عالمیاً ومحلیاً ، مثل : السیاسة الداخلیة والخارجیة، وقضایا الفساد ، ولكن في أغلب الحالات ، فإن العامل الأھم المؤثر في شعبیة الحكومات بدون منازع، ھو العامل الاقتصادي. وتكمن أھمیة العامل الاقتصادي في أنھ یؤثر، بشكل جوھري، على مستوى المعیشة، وفرص العمل، والرفاه للمواطنین، وقدرتھم على سد حاجاتھم ، والوفاء بالاحتیاجات المتنوعة لأفراد أسرھم. لقد أصبحت المشكلات الاقتصادیة، والتراجع في النمو الاقتصادي، والبطالة والفقر مشكلات مزمنة في الاقتصاد الأردني . ولكن الأوضاع الاقتصادیة ، وحسب المؤشرات الرسمیة، شھدت تراجعا حادا مع حكومة الدكتور الملقي ، واستمرت بالتراجع مع الحكومة الحالیة. فمنذ سنوات عدة تصدرت المشكلات الاقتصادیة: الفقر والبطالة، وارتفاع مستوى الأسعار، وتراجع النمو الاقتصادي، أولویة الأردنیین بوصفھا مشكلات على الحكومة معالجتھا لدى العینتین الوطنیة وقادة الرأي على حد سواء. لقد فاقمت الإجراءات التقشفیة التي اتخذتھا حكومة الملقي الوضع الاقتصادي ، وجاءت حكومة الرزاز على خلفیة الاحتجاجات على السیاسات والإجراءات الاقتصادیة. نتیجة لذلك، ولخلفیة الدكتور الرزاز الاقتصادیة، والمكانة المرموقة لھ لدى الأردنیین، ولتصریحاتھ في البدایة، فقد ساھمت ھذه العوامل مجتمعة في رفع توقعات الناس من الحكومة، وسادت أجواء من التفاؤل، كما رصدھا مركز الدراسات الاستراتیجیة في استطلاعاتھ. لم تستطع حكومة الرزاز من الإیفاء بوعودھا، أو في تلبیة التوقعات المرتفعة لدى المواطنین والنخبة على حد سواء. ھذا إضافة للتقییم السلبي منذ البدایة للطاقم الوزاري في الحكومة. للإنصاف ، فإن الحكومة ورثت تركة ثقیلة من المشكلات الاقتصادیة. وعلیھ، لیس من الممكن
معالجة ھذه المشكلات خلال ھذه الفترة القصیرة، ولكن كان مطلوبا أو متوقعا من الرئیس والحكومة ثلاثة إنجازات: أولاً: وقف التدھور والتراجع الاقتصادي الذي شھدتھ البلاد خلال الفترة الماضیة، وحسب المؤشرات الرسمیة، ھذا لم یتم. ثانیاً: أداء رفیع ومنظم ومنتظم للحكومة بمستویاتھا كافة، بما في ذلك وقف الترھل ومحاربة الواسطة والمحسوبیة. في الواقع لم یرق الأداء الحكومي لھذه التوقعات، بل كانت ھناك حالات من الارتباك والضعف الإداري في العدید من الملفات. ثالثاً: كان متوقعاً أن تشرع الحكومة أو تعلن عن برنامج لإصلاح سیاسي في مسار متلازم مع الإجراءات الأخرى ، ولكن الإصلاح السیاسي جلس في المقعد الخلفي حتى ھذه اللحظة. تشیر نتائج استطلاع مركز الدراسات بمناسبة مرور عام على حكومة الدكتور الرزاز ، كما أشارت الاستطلاعات سابقاً، على أن شعبیة الحكومات أصبحت مرھونة بالدرجة الأولى بالبعد والعامل الاقتصادي الذي یعرفھ الدكتور الرزاز حق المعرفة ، مع أنھ لیس العامل الوحید. الحكومة اتخذت عدداً من الإجراءات الاقتصادیة الإیجابیة ، ولكنھا لم تكن كافیة لتغییر المعادلة ، والحاجة الیوم ماسة لخطة اقتصادیة غیر تقلیدیة ، قصیرة الأمد ، تبعث الروح بالاقتصاد الأردني ، وتوقف التراجع الاقتصادي ، وتطلق العنان لطاقات الشباب، والإمكانیات الكامنة لدى الأردنیین.
الغد - الخميس 20=6=2019