وجبات سارة وخيبات نتنياهو
سارة دفعت أربعة آلاف دولار غرامة، المخالفة هي أنها طلبت وجبات سريعة من المطاعم على حساب الدولة مع أنها لديها في منزلها خادم. هذا هو حكم المحكمة الاسرائيلية على زوجة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ترى كم سيدفع نتنياهو من غرامات على ثلاثة ملفات لدى المحكمة العليا تتضمن قضايا فساد ورشاوى وخيانة الأمانة؟ وهل يكون مما سيدفعه مستقبله السياسي وباعتباره أكثر رؤساء وزراء اسرائيل تطرفاً؟.
نتنياهو المسكون بفكر ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية، ورط نفسه بالتحالف مع اقصى اليمين الاسرائيلي أمثال أفيغدور ليبرمان، اليهودي الروسي الذي ترك بلده مولدافيا وهاجر الى فلسطين المحتلة العام 1978، وبدأ حياته حارس ملهى في تل أبيب، حسب ما اوردت « الايكونوميست» في عدد مايو أيار 2016، ويقيم في مستوطنة «نكوديم» المقامة على أراضي بيت لحم جنوبي الضفة الغربية.
ليبرمان، الذي انشق عن الليكود وأسس حزب «اسرائيل بيتنا « كثيراً ما كان مثيرا للجدل، بتصريحات هدد فيها بتدمير السد العالي في مصر، ولإعدام أسرى فلسطينيين واغتيال شخصيات بارزة، وصولا الى تحريضه على شن حرب اعتبرها نتنياهو غير ضرورية على غزة، وفي ذروة الدعاية لانتخابات عام 2015، صرح ليبرمان أن «العرب غير الموالين لإسرائيل يستحقون قطع الرأس بالفأس»!
وعلى طريقة العصابات انقلب ليبرمان على معلمه نتنياهو وأحدث انعطافاً حاداً في المعركة الانتخابية للكنيست «البرلمان»حين أعلن أنه سيعمل على «فرض» حكومة وحدة وطنية في إسرائيل، تضمّ الحزبين الكبيرين: «الليكود» و«كاحول لافان»، وأنه لا يستبعد إمكانية التوصية باختيار شخص آخر غير بنيامين نتنياهو، لتكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة.
مراقبون اعتبروا ان هذا التصريح يوّسع من الشقوق والتصدعات في معسكر اليمين الحاكم في إسرائيل، بل يعبّر عن زيادة نزع الثقة عن نتنياهو في وسط معسكره اليميني.
وتقول تقارير إن هذا التصرف ينسجم مع ما يتسرب من أنباء عن «زيادة الانفضاض من حول نتنياهو والشعور بأنه بات عبئاً على معسكره، ولم يعد الكنز الحلوب حتى داخل حزبه الليكود»، وسارعت قائمة «كاحول لافان» إلى الردّ على تصريحات ليبرمان بالقول: إن «حكومة كهذه لن تقوم بوجود نتنياهو، ولكي تقوم ينبغي عليه أن يترك الحلبة الحزبية ويتفرغ لمحاكمته بتهمة الفساد». وأضافت في بيان إن «حكومة كهذه يجب أن تقوم برئاسة غانتس وعضوية الليكود، بقيادة شخصية أخرى غير نتنياهو».
ليس نتنياهو وحده في ورطة، فقد نقلت صحيفة «معاريف» عن دبلوماسي غربيّ يقيم في واشنطن ومعروف بأنه «مختصّ بالشرق الأوسط قوله إن «نتنياهو، صديق الرئيس الأميركي وحبيبه موجود في ضائقة، وضمان مستقبله السياسيّ هو مهمّة ملحّة يقدّر البيت الأبيض أنه يمكن تحقيقها». وبحسب الصحيفة، فإن فشل نتنياهو أثار حالةً من الذهول في البيت الأبيض، عبّر عنها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عندما صرّح، نهاية أيار/ مايو الماضي أنّ «نتائج الانتخابات الأخيرة شكّلت انتصارًا مطلقًا لنتنياهو، أما الآن فخسارة، إنه رجل كبير، الإسرائيليّون لا يحتاجون هذه الانتخابات، لديهم ما يكفيهم من المشاكل».
غير أن ما يشغل ترمب، بحسب «معاريف»، ليس مصير نتنياهو فحسب، «لترمب قلق أكبر وملّح أكثر: بحسب ما يتم تداوله في البيت الأبيض، فإن نتنياهو إن خرج منتصرًا في الانتخابات المقبلة، فلن يتم الإعلان عن ’صفقة القرن’ قبل حلول تشرين ثاني/ نوفمبر المقبل.
وهي مرحلة بداية الانتخابات التمهيديّة لرئاسة الانتخابات الأميركيّة»، ورغم أن هناك شكوكًا بأن ينافس أحد ترمب من داخل الحزب الجمهوري، إلا أن شعبية المرشح المحتمل عن الحزب الديمقراطي، جو بايدن، الآخذة بالازدياد، خصوصًا في أوساط المستقلّين، بدأت تثير قلق ترامب، خصوصًا في المناطق المحسوبة على الحزب الجمهوري، والتي حقّق فيها ترامب انتصارًا في الانتخابات الماضية.
وفي الانتخابات المقبلة، سيكون ترمب بحاجة إلى دعم الأنجليكانيين البروتستانت المحافظين، المعروفين بانحيازهم الواسع لنتنياهو، ويخشى ترمب أن يصوّبوا غضبهم تجاهه إن خسر نتنياهو، «لذلك في الأسابيع المقبلة، بدل أن ترى مباحثات للدفع بالسلام، سنرى جهودًا لضمان فوز نتنياهو». ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين في الأمم المتحدة قولهم إنّ «خطّة السلام التي تعرف بصفقة القرن في صياغتها الأخيرة لن تكون مستندًا ينحاز مضمونه لإسرائيل فقط، إنما سيشكّل تسوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل».
وهذا ما عبر عنه المبعوث الاميركي الخاص للشرق الاوسط جيسون غرينبلات بقوله: ان واشنطن ربما تؤجل الاعلان عن تفاصيل صفقة القرن التي كان مقرراً لها الصيف الحالي الى نوفمبر تشرين ثاني المقبل بسبب اعلان اسرائيل عن انتخابات جديدة في سبتمبر ايلول.
الدستور -