.. ما يُعرف بـ “الشعب”!
قد تدور الدائرة فیصیر المخبر متظاھراً ُ بحاشیة مكلفة! المتظاھر الشرس وزیراً ٍ نقل من كتف إلى أخرى. َّ الخنادق تتبدل في العالم الثالث. والبندقیة تُ ٍ فات سمیكة ومغلقة. والمصالح توضع في مغلّ ّ البعض تقتلھ مبادئھ، ولا یبدل تبدیلا. والبعض یصرخ بشراسة في الاعتصامات لا لإنّھ یضیره ّ ھ یرید حصتھ من الفساد. الفساد بل لإنَّ ُ عن ”حسن الختام“. والبعض یخرج في الاعتصامات لیمحو سیرة مخزیة. وبحثاً … الشعوب، أیضا، لئیمة! ثمة تواطؤ مضمر بینھا وبین حكوماتھا في العالم الثالث. تدرك ھي الخاصرة الضعیفة للحكومات فتتجنب الضرب علیھا، وتتحرش فقط بالجوانب التي لا تُخلّف جروحا فادحة أو كسر عظم! ثمة اتفاق غیر معلن بأن تستمر اللعبة، التي بدونھا یضطر الطرفان لمغادرة الملعب، وترك ألقابھم العریضة في غرفة الملابس! یتوجب أن تتوافر حكومات بإیقاع مھیب، وبتسلط نسبي، وجبروت الى حد ما، وھذا أیضا ضروري جدا لتجد المعارضة مبررا لأن تبقى على رأس بیاناتھا! ھنالك تفاھم سري بین الطرفین، یخبئھ كل منھما في جیوبھ الداخلیة، مصلحة كلیھما تقضي أن یبقى الاتفاق غیر معلن، فشعبیة أي طرف أتت من كونھ یعارض الطرف الآخر! ! ولو عرف الناس بأن وداً خفیاً یجمعھما ففي ذلك مقتلھما معاً ”البروباغندا“ والجماھیریة الكاسحة والنجاح التعبوي في الشارع یقوم كلھ على فكرة وجود عدو، أو نقیض، أو خصم على الأقل!
لھذا تتكتم المعارضات، والحركات الشعبیة دائما على اتصالاتھا، وعلاقاتھا بالنخب الحاكمة. وھي – أي المعارضة – تكون في أحیان كثیرة المستفید الأكبر، والأھم، من بقاء الحاكم حاكماً، حیث ھي تجني الأرباح الھائلة جراء معارضتھ والتندید بھ، وطرح نفسھا كالملاك المنقذ!. وھي استراتیجیا لا تسعى للحلول مكانھ، ففي ذلك خسارة عظیمة لھا! وإذا ما استدرجتھا حسابات ما للانقضاض علیھ فھي بالضرورة مضطرة.. وتغطي وجھھا بیدیھا! ّسرب أحیاناً شیئا قلیلاً عن الغرام الخفي.. بما أما الحكومات، في العالم الثالث، فھي بخبث تُ یكفي لكي تحرق تلك المعارضات لدى قواعدھا، ولتكشف زیف خطابھا، وھذا في حال ارادت استبدالھا بمعارضات جدیدة! في النھایة، الحكومة والمعارضة في العالم الثالث، یحتاجان بعضھما كضرورة ومبرر بقاء.. وكلاھما آخر الأمر یحتاجان لطرف ثالث یتلوان علیھ ما یدعیان من حكمة؛ وھو الطرف الذي یعرف عادة باسم ”الشعب“!.
الغد - السبت 22-6-2019