من المستفيد ومن المتضرر
الفوارق الكبيرة بين اسعار الادوية وبعض المستلزمات الطبية الحقيقية والاسعار التي تباع فيها للمواطنين بصفتهم مستهلكين، التي ظهرت بعد البدء باجراءات تخفيض اسعار آلاف الادوية، تثير العديد من التساؤلات والاسئلة، اهمها، اين كانت الجهات المعنية التي تراقب وتضبط وتتابع تلك الاسعار حتى اللحظة التي تدخل بها جلالة الملك واصدر توجيهاته السامية بضرورة خفض اسعار الادوية، ولماذا لم تتدخل تلك الجهات في اللحظة المناسبة، وتوقف تغول العاملين في سوق الدواء منتجين ومستوردين ومصدرين، وفي اي شكل من الاشكال، وتوفر الحماية اللازمة للمواطن المستهلك والذي يمثل الفئة الاضعف في المجتمع وهي فئة المرضى، المصابين بالامراض ويعانون امراضا واوجاعا وآلاما صحية، يضاف اليها الوجع والالم المادي القهري لانه في حقيقة الامر ابتزازا واستفزازا ماليا يسلب من المريض تحت وطأة الضغط والحاجة الصحية التي لا يمكن مقاومتها او تأجيلها او التهرب منها، كونها تعني الحياة او الموت، والسؤال الآخر ماذا استفادت الدولة من الاسعار الفلكية لبعض انواع الادوية والمستلزمات الطبية، التي كانت تباع للمواطنين بأكثر من عشرة اضعاف السعر الحقيقي الذي يؤمن الربح المعقول للتاجر، سواء كان منتجا او مستوردا او صاحب مستودع ادوية او اي شكل آخر يمكنه من العمل في سوق الادوية، فهو اولا واخيرا تاجر، فهل كان هذا التاجر يدفع للدولة الضرائب بحق وحقيقة ويعترف بالارباح الطائلة التي يجنيها، ام يتهرب من الضريبة ويؤذي المريض والدولة في نفس الوقت، والسؤال الاكثر اهمية، كيف ينظر هذا التاجر الى المواطن وكيف يتعامل معه، وهل يعتبره فريسة يجب ان ينقضّ عليه وينتزع منه كل ما يملك، وهل يعتفد نفس التاجر انه معصوم من الامراض ومحمي ومعفي منها، وان مهمته في هذه الحياة اصطياد المرضى والبطش بهم ماديا، والفوز في سباق الالتحاق بفئة المليونيرية بأسرع وقت ممكن على حساب صحة المواطنين المرضى.
الثورة البيضاء على اسعار الادوية التي حملتها توجيهات قائد الوطن، يجب ان تحقق غاياتها واهدافها، وان تعود بالمنفعة والفائدة على الجميع، صحة المواطن والدولة والتاجر، وتحفظ حقوق الجميع وتنهي تغول اية جهة على الاخرى، وان تأخذ شكل الاستمرارية والجدية والمصداقية، وان لا تكون على شكل فزعة مؤقتة، تبدو في ظاهرها وبدايتها حملة قوية ثم تخبو شيئا فشيئا، وتنتهي باطلاق يد التجار مرة اخرى للفتك بصحة المواطن المريض.
يجب ان تكون هناك مراجعة دورية منتظمة دائمة لاسعار الادوية لا تتجاوز الثلاثة اشهر بمعدل اربع مرات سنويا، من قبل الجهات المعنية بضبط تلك الاسعار ومراقبتها ومتابعتها، وعدم السماح بفوضى سوق الدواء مرة اخرى لان المواطن هو الذي يدفع الثمن وكذلك الدولة، لان الفوائد التي تنعكس على المواطن تكون خلال الشراء المباشر للادوية، ومن خلال تخفيض رسوم شركات التأمين التي يتعامل معها عبر المؤسسات التي يعمل بها.
الدستور -