التنمية بالشفافية والصبر والتضحية..
الأردن كسائر معظم دول العالم مدين للمؤسسات المحلية والخارجية، وهناك معدلات مرتفعة للبطالة والفقر، وتأزم الاوضاع الاقتصادية والمالية متعارف عليه، والاسباب كثيرة فالمحلية منها تتمحور حول الاخفاق في الادارة، والاسباب الخارجية يمكن تخفيف تأثيراتها بالتعامل الفعال معها بحكمة، والاساس المحافظة على الاستقرار المحلي، فالاردن نجح في تحقيقه برغم التحديات المحيطة، والاخفاق غير المبرر يكمن في الإخفاق التنموي والإدارة المالية العامة التي تتفاقم مشاكلها ككرة الثلج دون رد حقيقي، وخلال السنوات التسع الفائتة تضاعف الدين العام مرتين بدون اسباب حقيقية لذلك.
حاليا وصلنا الى مرحلة تتطلب تحركا شاملا بحيث نحرك الاقتصاد نحو النمو الاقتصادي وتسارع وتائره فهو الطريق الوحيد والسليم للإفلات مما نحن فيه، وهذه تحتاج الى عزيمة وطنية من كافة الاطراف الحكومي والقطاع الخاص والمجتمع الذي يتحمل الاعباء الكبرى طوال السنوات الفائتة، فالمطلوب من الحكومة إفصاح عادل وشفاف لكل اوضاعنا بحيث تقدم المعلومات الحقيقية في وقتها، بحيث نصل الى نفقات عامة منطقية تراعي الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وبصورة ادق تخفيض نوعي للنفقات ويتم ذلك بالتحرك الفعال للتخلص من الوحدات المستقلة التي تكبدنا امولا طائلة بدون مبرر.
والعامل الثاني والمهم الصبر والتضحية من جميع الاطراف بحيث تشجيع الاقتصاد الحقيقي والبدء ببناء دولة الانتاج فعلا لاقولا فقط، وهناك تجارب مهمة نفذتها كرواتيا والبرازيل حيث اوقفت إستيراد السلع غير الاساسية كما توقفت عن الاقتراض الذي يؤذي الاقتصاد ويغري الحكومات على التوسع في الانفاق، وفي هذا السياق فإن الثلث الاول من العام الحالي شهد توسع النفقات الجارية بمبلغ كبير علما بأن الحكومة تذكرنا دائما بالتقشف وتخفيض النفقات، وهذا لا يخدم توجهات الدولة لتخفيف الاقتراض.
واذكر في هذا السياق ان رئيسة كرواتيا رفضت السفر جوا بالدرجة الاولى لحضور مبارة كرة القدم / روسيا وسافرت في الدرجة الاقتصادية الاقل كلفا ماليا، وفي النرويج التي يبلغ ناتجها الاجمالي السنوي بحوالي 300 مليار يورو لا تخصص الحكومة للوزير سيارة خاصة وسائقا علما أن اوضاع الخزينة تمكنها تخصيص ثلاث سيارات للوزير الواحد، اما وزيرة العدل / رئيسة المجلس القضائي تترك مكتبها وتركب الباص العام، اما في بلدي فالمدير والامين والوزير يخصص للواحد اكثر من سيارة وربما بعض المسؤولين اكثر من ذلك.
في اليونان لاتجد كما في عمان والمدن الرئيسية سيلا طويلا من المقاهي ومطاعم الوجبات السريعة العالمية التي تحول قسما مناسبا من الايرادات للشركات الام، فالمتاح من المنتجات والوجبات المحلية كثير وعليها إقبال كبير، مرة اخرى في الإدارة العلة والعلاج في كافة مناحي حياتنا، اما مواصلة إنتظار المنح والمساعدات والقروض الخارجية، فالمؤكد انها ستصل ممزوجة بالشروط والسحت تؤذينا وطنيا وقوميا، فالتنمية فعل وجهد محلي اولا واخير ومن مصالح المانحين وغيرهم تعطيلها وفرض إراداتهم علينا.
الدستور -الأحد 23 حزيران / يونيو 2019.