خطوة اقتصاديّة للأمام
نخبة من القطاع الصناعيّ يُشارك اليوم في معرض للصناعات في مدينة نيويورك الأمريكيّة، وهو أمر في غاية الأهمية للخروج من الإطار التقليديّ للأسواق بالمملكة التي طالما بقيت محصورة في أسواق الجوار، ضمن معادلة معروفة على كافة الأطر والتي ابقت تنافسيّة الصناعات الوطنيّة في أدنى مُستوياتها، لكنها اليوم تشهد تطوراً ذاتيّاً غير مسبوق في بعض الصناعات التي تحتاج نظرة جديدة من قبل الحكومة في التعامل مع القطاعات الاقتصاديّة المُختلفة.
نتحدث عن هذه المشاركة الصناعيّة في نيويورك لكي يرى الجميع هذه المحاولات التي تُعيد الروح الإيجابيّة للأنشطة الاقتصاديّة المُختلفة سواء اكانت أنشطة حكوميّة ام خاصة.
لا أحد يُنكر الحالة السيئة التي خلّفتها تداعيات الاضطراب السياسيّ في المنطقة على الاقتصاد الوطنيّ، وانعكاس ذلك على مجمل القطاعات التنمويّة التي باتت اليوم أسيرة المتغيرات الداخليّة والخارجيّة معاً.
للأسف تداعيات الربيع العربيّ في الإصلاح استغلتها العديد من القوى لتوظيفها في زعزعة الاستقرار الذي تنعم به المملكة، وتصعيد حدة الاحتقان بالشّارع مُستغلة الكثير من المؤشرات لعل أبرزها: تردي الاوضاع المعيشيّة في المجتمع التي تتصاعد حدتها بسب عوامل خارجيّة بالدرجة الأولى.
لكن الغريب في الأمر أن عدوى الترهلّ والاستسلام لتداعيات الربيع العربيّ انتقلت إلى بعض من جهاز القطاع العام ووبعض من مسؤوليّ الدولة الذين بات معظمهم متقوقعين على انفسهم لا يحركون ساكنا، مما فاقم الوضع الاقتصاديّ بدلاً من التحرك الاقتصاديّ لاستغلال فرصة الاستقرار السياسيّ في البلاد مقارنة عما عليه في دول الجوار وتوظيف ذلك في استقطاب رؤوس الاموال الخليجيّة والاجنبيّة التي تبحث عن مواطن آمنة للاستثمار، بقيت العمليّة الترويجيّة والاستثماريّة في البلاد محّلها لا تحرك ساكنا.
بدلا من المبادرة بالاتصال برجال الأعمال العرب والاجانب للقدوم إلى الأردن، وإقامة شراكات اقتصاديّة استثماريّة معهم واستغلال حالات الهجرة التي يقومون بها في الظرف الراهن، بقي مسؤولون في الدولة قابعين في اماكنهم لا يحركون ساكناً في اتجاه تحفيز الاقتصاد.
بقية مقال سلامة الدرعاوي المنشور علي الصفحة الأخيرة الجزد الأول
لم نسمع منذ اشهر عن استثمار جديد جاء للمملكة، لا بل لم نسمع عن خطة حكوميّة للترويج الاستثماريّ في الخارج كما كان يحصل في السابق، لقاءات هنا، ومؤتمرات هنا وهكذا، ماذا حدث لجهاز الدولة الإداريّ؟، اين فكرهم الاقتصاديّ ؟ اين خططهم وبرامجهم الترويجيّة للأردن؟، كُلّ هذا اختفى فجأة ولم يعد احد يسمع شيئا عن التحرك الرسميّ، والكُلّ بانتظار المساعدات العربيّة الاستثنائيّة لضبط عجز الموازنة.
زيادة ايرادات الدولة تحتاج إلى عمليّة اداريّة اقتصاديّة، قادرة على توجيه دفة القيادة التنمويّة وقطف ثمارها بعد قراءة كافية للمشهد وتوظيف الميزة النسبيّة للمملكة، فكما يقال افضل وسيلة للدفاع هي الهجوم.
المقصود بالعبارة السابقة انه بدلا من جلوس بعض المسؤولين على مقاعدهم مُستسلمين لما يسمى الربيع العربيّ لا بد أن يتحركوا اقتصاديّا في اتجاه مواطن الملاءات الماليّة المنتشرة في الخليج العربيّ خاصة تلك التي خرجت من سوريا وبلاد اخرى غير مستقرة تبحث عن مواطن استثماريّة آمنة، لكنها للأسف لا تعرف العنوان جيدا.
حتى في مجال السياحة والاتصال بالمغتربين واقامة البرامج الترويجيّة من خلال المعارض في الخارج لجلب الناس لزيارة المملكة والتعرف على اثارها ومنتجعاتها واماكنها التاريخيّة، مازالت الجهود في هذا الشان في أدنى مستوياتها.
الحالة السابقة تشبه فورة القطاعات الاقتصاديّة سنة 2007، نمت بشكل كبير ومتسارع، واشبعت الرأي العام صورا واعلاما لا ينقطع للحديث عن قفزاتها غير المَسبوقة، لدرجة أن الكبير والصغير بات يتحدث عنها، وفجأة اختفى كُلّ هذا فلم نعد نسمع عن شيء لا في العقارات ولا في البورصة، ولا في شيء اخر سوى الحديث عن تداعيات الربيع العربيّ وتأثيره على القطاعات الاقتصاديّة في الأردن، فإلى متى سنبقى جالسين ننتظر أن تأتينا الاستثمارات والسيّاح والحوالات ونحن لا نحرك ساكنا، ونعيش وهم الربيع العربيّ ونستسلم لتداعياته؟.
الدستور -