العالم ينتصر للاجئين الفلسطينيين
مرة اخرى تنتصر الاونروا وتخرج من الحصار الاقتصادي الامريكي، لتواصل تقديم خدماتها لاكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس، ويشكل الدعم العالمي لها ماليا وسياسيا رافعة الديمومة والبقاء والاستمرارية، الى ان يتخطى هذا العالم موانع وعوائق الحل لقضية اللاجئين التي تضعها اسرائيل والادارة الامريكية.
المؤتمر الدولي الاخير للمانحين الذي عقد في نيويورك وفّر مائة وثلاثة عشر مليون دولار دعما لموازنة الاونروا، متحديا بذلك السياسة الامريكية التي تقوم على حصار الوكالة واللاجئين الفلسطينيين الهادفة الى تجهيل اكثر من نصف مليار طفل فلسطيني وحرمانهم من مواصلة تعليمهم ودراستهم، والسماح للامراض المختلفة بالانتشار في مجتمعات اللاجئين والفتك بالصغار والكبار، كل ذلك لاجبار الشعب الفلسطيني وقيادته على التنازل عن حقوقهم الوطنية الثابتة والمشروعة وتصفية قضيتهم المقدسة.
عندما يقف العالم الى جانب اللاجئين وقضيتهم ماليا وسياسيا وانسانيا، فان هذا يعني ان القرارات والاجراءات الفردية الامريكية والاسرائيلية لا قيمة لها ولا معنى، لانها تعتبر خروجا عن الاجماع الدولي وتمردا على الارادة الدولية كونها تجاوزت قرارات الشرعية الدولية التي تعتبر المرجعية الاساسية والاولى لاي بحث يتعلق بأي جانب من جوانب القضية الفلسطينية، وخاصة القرارين 242 و 338 اللذين لا تأتي على ذكرهما صفقة القرن بل جاءت بعكس نصوصهما ومضمونهما.
الحفاظ على تدويل قضية اللاجئين الفلسطينيين والقضية الفلسطينية بشكل عام، يبطل مفعول الحراك التآمري الصهيو-امريكي الذي يحاول تجاوز الاجماع الدولي والارادة الدولية فيما يتعلق بحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ويسعى الى الغاء دور اهم مؤسستين دوليتين مجلس الامن الدولي وهيئة الامم المتحدة.
قرار الدول المانحة برفد موازنة الاونروا بعشرات ملايين الدولارات، يعني التسمك بعدالة القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين بالذات، يمثل رسالة واضحة للادارة الامريكية بأن سياسة العالم ليست سوارا في معصم ترامب ومدللته «اسرائيل»، وان لدول العالم قراراتها المستقلة والخاصة بها، وانها لا تخضع لتوجيهات الريموت كونترول من بعيد ولا تبيع مواقفها ومبادئها بأي ثمن او تحت اي ضغوط.
الجهود السياسية والدبلوماسية المكثفة التي بذلتها الحكومة الاردنية ممثلة بوزارة الخارجية وبتوجيهات مباشرة من جلالة الملك للعام الثاني على التوالي، كان لها اكبر الاثر في تحقيق هذا الانجاز الاستراتيجي الهام، الذي يعود بالمنفعة والفائدة المصيرية على الشعب الفلسطيني وقضيته، خاصة وان قضية اللاجئين تتصل بشكل مباشر باحدى لاءات جلالة الملك الثلاث الخاصة برفض التوطين من جهة، وحرص الاردن على منع العبث بالحقوق المشروعة والقضايا الاساسية للشعب الفلسطيني.
الدول والشعوب الحرة والمتحضرة تقف الى جانب القضايا العادلة في العالم وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني الذي يعاني احتلالا احلاليا استيطانيا منذ اكثر من سبعة عقود، احتلال ينتزع الوطن من اصحابه ويلقي بهم خارج حدوده حفاة عراة كل ذلك بحماية امريكية مباشرة عسكريا وسياسيا ولوجستيا.
العالم يبذل جهودا مضنية لمنع نفسه من الانزلاق نحو الفوضى التي يحاول ترامب دفعه اليها، وهو يمارس سياسة الصدام ويفتعل الخلافات مع معظم دول وشعوب الارض.
الدستور -